مرَّ عيد الجيش اللبناني بأقل هدوء ممكن وأكثر حزن ممكن وأكبر أمل ممكن. تكاد المؤسسة العسكرية تكون آخر ملاذ للثقة بالشرعية، تصوَّروا لو ان ما ضرب سائر المؤسسات قد وصل إلى المؤسسة العسكرية، فماذا سيكون عليه وضع البلد في هذه الحال؟

يحتمل البلد شغورا في موقع الرئاسة، مع ان هذا الشغور هو عورة هذا النظام. يحتمل إقفالا لمجلس النواب لكون التشريع يتأخر، لكنه يعود. يحتمل اطفاء محركات واعادة اشعالها بالنسبة الى جلسات مجلس الوزراء، فالمقررات تتأخّر لكنها تعود لتتخذ، لكنه لا يحتمل فرط المؤسسة العسكرية.

في مطلع العام 1975، كان الوضعُ غير سليم: حملاتٌ على رئاسة الجمهورية، تشكيكٌ في اداء الحكومة وفي مواقف رئيسها، مجلس نواب تتجاذبه المواقف، لكن البلد بقي قائماً، وهو لم يفرط الا بعد فرط المؤسسة العسكرية، فطار البلد وطارت معه المؤسسة، ولم يعد البلدُ الا بعد البدء باعادة بناء الجيش.

اليوم، لماذا إعادة الكرَّة؟ لماذا تجريب المُجرَّب؟ لماذا المحاولات الحثيثة لفرط المؤسسة العسكرية؟

هذا الاسبوع يتميَّز بالحسم الحكومي في ما يتعلق بموضوع تأخير التسريح من الجيش، الباكورة ستكون مع رئيس الأركان اللواء سليمان الذي سيتأخّر تسريحُه لسنتين.

مع مرور هذا التدبير سيكون الوضع، الى حد ما مشابها في الثلث الاول من ايلول المقبلُ، ففي حال لم يتم التوافق على قائد جديد للجيش سيتم التمديد للعماد قهوجي الذي تنتهي خدمتُه في 23 ايلول.

تبقى قضية مدير المخابرات العميد ادمون فاضل، فهو يُحال على التقاعد في 22 ايلول المقبل، وهو خدم 42 عاماً ولم يعد بالامكان التمديد له، فما هو المخرج القانوني الذي سيُعتمد في خصوصه؟ هل يكون هذا المخرج باستدعائه من الاحتياط لأن ليس هناك توافقٌ على تعيين مدير جديد للمخابرات؟

هكذا يمر عيدُ الجيش هذه السنة، فبدلاً من السيوف والعرض العسكري، ولو الرمزي، يمر العيد صامتا حزينا، للسنة الثانية على التوالي، فهل هكذا يتم الحفاظ على معنويات الجيش؟

هذا العسكري الذي اعاد الامن الى الشمال وصيدا، ويعيش على تخوم عرسال ورأس بعلبك، وينتشر في الجنوب، ويحافظ على الامن في بيروت والجبل، هل هكذا يتم ايفاؤه حقه؟

ربما الفرحة الوحيدة، الممزوجة بالغصة، ان المؤسسة العسكرية ما زالت قائمة، وهذه الفرحة وحدها كافية للتأسيس عليها، الى حين انقشاع الغيوم السياسية الداكنة والخروجِ من النفق.