يحلو لاحد السياسيين وهو يتابع الرسائل الطائرة وكلام الصالونات في عين التينة والرابية ومجالسهما السياسية ان يصف رئيس المجلس والجنرال بالحليفين القريبين من بعضهما والخصمان الى ابعد الحدود في السياسة وزواريبها، فما بين بري وعون اليوم وما يجري على خلفية التمديد لرئيس الاركان وقائد الجيش والذي يبدو فيه رئيس المجلس طرفاً مناكفاً لعون وصديقاً أقرب لرئيس الحكومة يدل على ان ما بين عين التينة نار تحت الرماد لم تنطفىء منذ معركة التمديد الثاني للمجلس النيابي على حدّ قول مصادرمتابعة لعلاقة بري وعون، والمعارضة والانتقادات والحملة السياسية اللاذعة التي قام بها زعيم الرابية والتي يحفظها له بري حتى ساعة الحساب. والخلاف الذي يبدو انه سيتفاقم ويزيد من اتساع الهوة بينهما يبدو ظاهره اليوم على التمديد الذي بدأت تتضح معالمه في جلسة الاربعاء والذي لا يمانع فيه بري تحت شعار حماية البلاد من الفراغ وفي الظاهر المستتر تحت عنوان مناكفة عون برئيس الحكومة الذي يبدو انه بات اقرب الى عين التينة وانه افضل رؤساء الحكومات على الاطلاق على ما يرى رئيس المجلس.

والسيناريو المقترح لجلسة الغد لملء شغور رئاسة الاركان باقتراح وزير الدفاع لأسماء وفي حال تعذر الاتفاق عل اسم سيصار الى التمديد بقرار تسريح سلمان واعادته الى الخدمة الامر نفسه الذي سيطبق على قائد الجيش الذي يبدأ مفعول التمديد له في 24 ايلول، فان التيار الوطني الحر له بالمرصاد إذ يتوقع ان يبادر التيار الى التصعيد في الشارع في حين بدأ رئيس المجلس معركة الدفاع عن الحكومة ورئيسها ضد التصعيد العوني وبتوجيه الرسائل العابرة للقارات الى الرابية الى حد اتهام عون بانه يريد الرئاسة وان يصار الى انتخابه من مجلس لا يعترف بشرعيته. هذه الحملة على الرابية التي لا يمكن فهم اسرار توقيتها واهدافها في الوقت الذي يحتاج فيه عون الى كل الدعم من حلفائه الصادقين معه في معركة التمديد وحتى من الحلفاء الافتراضيين كرئيس المجلس لا يمكن تفسيرها إلا بانها تصفية حساب من جهة وخلافات عميقة في الرؤية السياسية حيال ملفات كثيرة.

بالطبع هي ليست المرة الاولى ولن تكون كذلك بين الرابية وعين التينة تضيف المصادر، فرئيس المجلس يحفظ الكثير للرابية من معركة التمديد الثاني للمجلس وكل الاعتراضات والانتقادات التي رافقت قبول القوى السياسية التمديد الثاني لولاية المجلس لسنتين وسبعة اشهر، هذا التمديد الذي اعتبره ابغض الحلال في حينه وهو الذي يصح على جلسة التمديد الامنية غداً، فبري اعتبر التمديد للمجلس من اجل المصلحة العليا للدولة ولو اقتضى تمديداً لثلاثين سنة اخرى، في حين وصلت معارضة الرابية الى حد الطعن الدستوري بالمجلس وولايته لدى التيار الوطني الحر.

والواقع ان ما جرى بين الرابية وعين التينة ما قبل وبعد جلسة التمديد وما يجري اليوم على هامش جلسة الغد لا يخضع لتفسيرات وتأويلات كثيرة، فلا احد يفهم من أخطأ حيال الآخر رئيس المجلس ام رئيس تكتل الاصلاح والتغيير ولماذا يحصل ما يحصل دائماً بين رئيس المجلس ورئيس تكتل الاصلاح والتغيير، فثمة من يقول نقلاً عن رئيس المجلس ان زعيم الرابية لا يفي بالتزاماته وان همه الوحيد الوصول الى الرئاسة، وثمة من يؤكد نقلاً عن الرابية ان حليف الحليف هو اقرب في معارك الرابية الى المحور الآخر الذي يشن المعارك على الرابية.

الواضح ان التمديد الثاني للمجلس ظهّر وقائع الاختلاف السياسي العميق بين عين التينة والرابية، وسلط الضوء مرة اخرى على التباين السياسي بينهما. يقول العارفون بما جرى على خط التمديد ان عون كان يتمنى في غمرة البحث عن مخارج لاقرار التمديد ان يتم سؤاله عن مرحلة ما بعد التمديد او ان يتم التعويض عن التمديد بقانون للانتخابات او بمخرج للمأزق الرئاسي، او باتفاق يعوض التمديد، وهذا الموضوع لم يحصل بل تم العمل على خط التمديد بإخراج الرابية وعدم الاكتراث لها بعد تأمين الغطاء المسيحي للتمديد من القوات ومسيحيي 14 آذار و المردة. وبالنسبة الى الرابية كان لا بد من التعويض في الشارع المسيحي، فألأهم عدم خسارة الرأي العام المسيحي بموازاة تضييع كرسي الرئاسة، وهذا ما يعمل عليه عون اليوم ايضاً في معركة مجلس الوزراء، فالخسارة المسيحية لعون لا تعوض باي ثمن ولطالما سعت الرابية الى عدم اغضاب الجمهور المسيحي والتفريط بمشاعره وحيثياته، وهذا ما كسبته الرابية في معركة القانون الارثوذكسي وفي التمديدين الاول والثاني وبعد تقديم الطعن الدستوري..

اما على صعيد العلاقة ما بين الحليفين، فتقول المصادر ان ما يفرق عون وبري اكثر مما يجمعهما، فالعلاقة لم تكن يوماً على احسن ما يرام او على غرار ما هي بين الرابية وحارة حريك والخلاف واقع في الكثير من الملفات بين بري وعون وبين العونيين والامليين، وعليه فان الخلاف يشبه المناوشات المتقطعة واطلاق النار الذي لا يصيب مقتلاً وان وقع الخلاف الكبير فان حزب الله يؤدي غالباً دور الإطفائي لنار المعركة ويحاول تبريد الاجواء الحامية. فالعلاقة مع حليف الحليف تختلف عن ما يجمع الرابية بحارة حريك، وفي مطلق الاحوال فان عون لم يكن ولا مرة المرشح الرئاسي المفضل لعين التينة.