شرح رئيس الجامعة اللبنانية ​عدنان السيد حسين​ في حديثه لـ"الاخبار" أن الموازنة تنقسم الى قسمين: رواتب وأجور، وميزانية للأمور التشغيلية. لا يمكن للدولة أن تمس القسم الأول من الموازنة، فتقوم بضرب القسم الثاني منها، الذي يشكل حجر الأساس في تطوير الجامعة الأكاديمي والبحثي واستقرارها الاداري والمالي، وفق السيد حسين. فالجامعة قدرت حاجتها، في موازنة 2015، لانفاق 80 مليون ليرة على استشارات ودراسات، الا أن المالية اقترحت تخفيض 50 مليوناً منها. نفقات الكتب والمجلات والصحف قدّرتها الجامعة بـ 1.200 مليار ليرة جرى تخفيض 400 مليون ليرة منها. نفقات اقامة وتدريب الطلاب ضمن الكلية وخارجها خفضت من 70 مليوناً الى 48 مليون ليرة. نفقات تنظيم رحلات علمية في لبنان خفضت من 125 مليوناً الى 70 مليون ليرة. ونفقات اقامة اشتراك في معارض محلية ودولية من 110 ملايين الى 40 مليون ليرة فقط! علماً أن من شأن هذه النفقات وغيرها أن تنقل صورة حقيقية عن الجامعة اللبنانية ومستواها العلمي داخل لبنان وخارجه، خصوصاً أن الجامعات الخاصة الكبرى والدكاكين الجامعية تتلقى الدعم المالي وتخصص ميزانية مرتفعة للترويج واعلان دراسات ومؤتمرات ورحلات علمية وغيرها. الا أن نظرة الدولة مختلفة، اذ ترى أنه من الممكن أن تخفض نفقات الاشتراك في المؤتمرات الثقافية والجامعية من 300 مليون الى 200 مليون ليرة، ونفقات تنظيم والاشتراك في مؤتمرات وندوات وحفلات من 300 مليون الى 200 مليون ليرة أيضاً. ونفقات مراكز الأبحاث خفضت من 90 مليوناً الى 60 مليون ليرة. ونفقات طبع منشورات الجامعة من 106 ملايين الى 80 مليون ليرة.

ورد السيد حسين السياسة المتبعة من قبل السلطة إلى أنها "لا تريد للجامعة أن تطوّر ما وصلت اليه"، فالسلطة منكبة على الترخيص للـ"دكاكين الجامعية"، في حين تحاول ضرب المؤتمرات والندوات التي تنظمها الجامعة، وتسعى إلى "تطفيش" الأساتذة الزائرين عبر تخفيض الأموال المخصصة لإقامتهم، كما أن مردود الأبحاث بالنسبة للباحث قلّ، "وهذا لا يشجع على البحث العلمي"، بحسب السيد حسين، الذي يتحدث عن "انطلاقة في البحث العلمي ومن الواجب متابعتها، فهذه روح الجامعة".

عدا عن التخفيضات في موازنة الجامعة، لدى وزارة المالية سياسة تقيّد الجامعة وتمنعها من الإنفاق وفق موازنتها لفترة طويلة، اذ أن الموازنة لا تقر في الشهر الأول من العام، بل غالباً ما تؤخرها وزارة المالية أشهراً عدة. هذا العام انتهت الوزارة من دراسة الموازنة في الشهر السابع، علماً أنها تعهدت أن تنجزها في الشهر الخامس، وهي أحيلت من قبل الجامعة قبل ذلك بكثير. خلال هذه الفترة، أجبرت الجامعة على الانفاق وفق القاعدة الاثني عشرية، أي العودة الى موازنة عام 2005، سنة تصديق المجلس النيابي على آخر موازنة للدولة.

وشرح رئيس الجامعة لـ"الأخبار" أيضا كيف "تدبّر" الجامعة نفسها، فيتحدث عن وفر قامت به الجامعة من خلال المناقصات، ومن خلال قرار إلغاء مخصصات الامتحانات الجزئية (تصحيح ومراقبة). كما هناك أيضاً موارد ذاتية من بيع المنشورات، اقامة نشاطات ثقافية بالتعاون مع وزارة الصحة، الخدمات التي تقدمها كلية طب الأسنان للمواطنين، والمركز الصحي الاجتماعي الذي افتتح أخيراً في الحدث، وقد ارتفعت هذه الموارد الذاتية من 15 الى 28 ملياراً. كما أن الجامعة أحالت على الحكومة مشروع مرسوم رفع رسوم تسجيل الطلاب 100 ألف ليرة في الكليات النظرية و150 ألفاً في الكليات التطبيقية فقط، "لأن هذه الرسوم تعود لعام 2002، وهي أقل من رسوم التسجيل في التعليم الثانوي الرسمي"، يبرر رئيس الجامعة.

الا أن كل ذلك، لا يكفي الجامعة، في ظل سياسة تهجير الطلاب الى الجامعات الخاصة، الذي تمارسه جهات خارج وداخل الجامعة، ويسهم في ذلك قرارات صدرت سابقاً. إلا أن العبء اليوم يقع على عاتق مجلس الجامعة اللبنانية، الذي من واجبه السعي الى تطوير الجامعة أكاديمياً وبحثياً، عبر تطوير مواردها البشرية والضغط على الدولة لتطوير مواردها المالية.