بالإذن من مصلحة الأرصاد الجوية في إدارة الطيران المدني والتي لو امتلكت أداة “التمطير” لفعلت لتفشّ خلق اللبنانيين الذين يضربهم البلاء دفعةً واحدة، قد يكون التصبّب عرقًا من عوامل الطبيعة خيرَ حالةٍ من التصبّب عرقًا ومرضًا وقرفًا ووهنًا من عوامل السياسة.

مع احترامنا الخام للدورة الطبيعية التي تتحرّك بقوّةٍ عظمى، وبعيدًا من مقارنتها بالدورة السياسيّة التي تسعى “قوّة عظمى” الى جعلها استثنائيّة بلا احترام خام لعنصرٍ مفقود يبدو غير مفقود، نبرّد قلوب اللبنانيين في حمأة حرارة السماء بنشرة أرض-جو مع اختلال المقارنة بين أحوال الطبيعة المنتظمة وأحوال السياسة “التعتير”.

بما أن “المصلحة” في لبنان (طبعًا غير الوطنية) رائجة وكلٌّ يعمل لها، وبما أنها متعددة المنابع والمصبّات، تصدر التوقعات هذه المرّة عن مصالح الأرصاد السياسيّة في إدارة المجتمع المدني.

- الحالة العامة: طقسٌ سياسيّ حارّ يسيطر على الحوض الشرقي للبحر الأبيض “المتوسّخ”، الذي فقد “طاءه” واستبدلها سياسيّوه بـ “خاء” متسللة في الليالي الظلماء الى حيثما ليست للقاع آذان. هناك الأوساخ بالجملة ولمن لا يجدها أن يسأل عنها في السراي الكبير أو في ساحة النجمة. أما بالعودة الى الحالة العامة، فأغلب الظنّ ستتحوّل بعد محاولةٍ نفاياتيّةٍ واحدة الى حالةٍ خاصّة لا يُستبعَد فيها السيناريو الأوكراني المُعتمد برمي الموسّخين في مستوعبات أوساخهم.

- الطقس اليوم: غائم كليًا فوق وسط بيروت لا سيّما في فترات ما قبل الظهيرة موعد التئام جلسة مجلس الوزراء، مع لااستقرار في درجات الحرارة. وهنا تجدر الإشارة الى أن العناقات المزيّفة والضحكات المتملّقة ليست معيارًا للحُكم على حرارة المكان. علمًا أن كثرة التكييف داخل القاعة العامة لا تعني كثرة التكيّف مع ما سيطرحه رئيس المجلس. والجدير ذكره في هذا السياق أن تلك الحالة العامة لا تختلف بين الداخل والساحل والمرتفعات، فالنفايات “فيها البركة” توحّد هذه “الزونات”.

- الحرارة المتوقّعة ليوم غد: لهيبٌ لا يهدّد بالتهاب حناجرهم لأنها محصّنة، مع ارتفاع محدود بين منطقتي عين التينة والرابية مهدّد بانخفاضٍ دراماتيكي بين ليلةٍ وضحاها.

- الرطوبة: بما أنها والترطيب من العائلة نفسها Mot de la même famille يمكن التأكيد أنها قد تكون في أدنى مستوياتها اليوم. فحتى أنجع “الكريمات” وأكثرها شهرةً في عالم الجمال والنعومة باتت عاجزة عن ترطيب الأجواء بين أفرقاء الحكومة المتنافرة. أما الغريب في هذه الحالة فإن “التدبيق” على أوجه رغم معدلات الرطوبة المنخفضة.

- الرياح: شماليّة شرقية الى جنوبيّة غربيّة الى متداخلة ومن كلّ الجهات، ويبدو أن كلّ سفن لبنان المؤسساتية تسير وفق ما تشتهي رياح الخارج. لا تتوقّع مصلحة الأرصاد السياسية في إدارة المجتمع المدني أن تلفح تلك الرياح ضمائر الحكّام لا اليوم ولا بعده. عفوًا ما معنى كلمة “ضمائر”؟

- حرارة سطح المياه: السؤال الأبرز الذي بات يطرأ على هذه الحالة هو: مع نفايات أم من دونها؟ لا يمكن حسم تلك الحرارة نظرًا الى عدم معرفة أحد بطبيعة النفايات التي تدفَن عشوائيًا في الأقعار. فإذا كانت بينها “قرون حرّ” قررت إحدى ربات المنزل رميها لسببٍ أو لآخر توقعوا أن ترتفع حرارة مياه سطح البحر.

- الانقشاع: في أسوأ حالاته وأدنى مستوياته. وليس هذا الواقع جديدًا على الشعب اللبناني المُصاب بالعمى القلبي والفكري منذ زمن طويل. اليوم يسوء الانقشاع أكثر بسبب غياب الرؤية المستقبلية.

- الضغط الجوي: حكمًا لا ينافس ضغط اللبنانيين النفسي في أيام القرف هذه. أما المعيار فزئبق المادّين أقدامهم أكثر من أبسطتهم والنائمين على أكياس سودٍ تظنونها نفايات ولكنها في الحقيقة “فلوس”.

- معدلات المتساقطات: “ضاربة طنابها” بعدما غدا السقوط سمةً... السقوط الرئاسي، السقوط الحكومي، السقوط التشريعي، السقوط المؤسساتي، السقوط الاقتصادي، السقوط المعيشي والأهم سقوط العقد الاجتماعي.

- ساعتا الشروق والغروب: غير مهمّتين طالما أن اللبناني لم يعد يعرف نهاره من ليله.

أخيرًا، توقعات الأيام المقبلة لا تشير الى انحسار موجة الحرّ السياسي. فالحرّ في لبنان أساسُ الملك.