تختصر العلاقة المتوترة التي تجمع رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون بمعظم مكونات فريق "8 آذا"ر حجم التعقيدات داخل هذا الفريق الذي يترنح منذ فترة وقد يتهاوى في أي لحظة لولا حرص "حزب الله" على تمتين أساساته بين الحين والآخر، ولولا قيادة أمينه العام السيد حسن نصرالله شخصيًا عملية ضبط الايقاع الذي ارتفع أخيرًا مع تجدد المواجهة بين عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، ما دفع الأخير لفتح كلّ أوراقه على الطاولة معلنًا عدم حماسته لانتخاب عون رئيسًا.

وتردّ مصادر مطلعة في قوى "​8 آذار​" تصعيد بري بوجه العماد عون وتأكيده الوقوف في صف رئيس الحكومة تمام سلام، لمحاولته "لجم" أي تصعيد مرتقب من الجنرال على خلفية الأزمة الحكومية وملف التعيينات، لافتة الى أن رئيس المجلس النيابي شن "ما يشبه الحرب الاستباقية" ونجح باستيعاب التوتر العوني ما انعكس في مواقف نواب وقياديي "التيار الوطني الحر" الذين بدوا حريصين على عدم ملاقاة بري في لهجته التصعيدية لا بل أنّهم حاولوا ارساء جو من التهدئة على طول خط الرابية-عين التينة.

وليست المواقف الهجومية التي أطلقها بري أخيرًا بوجه عون الا فيضا للاحتقان الذي راكمته الاستحقاقات الأخيرة، انطلاقا من التمديد الثاني لولاية مجلس النواب وصولا لملف التشريع والوضع الحكومي وأخيرا قرار عون اللجوء الى الشارع وحيدا.

وقد نجح "حزب الله" بنزع فتيل انفجار فريق "8 آذار" في كل الاستحقاقات السابق ذكرها بحيث كانت مواقف بري وعون متناقضة تمامًا وأشبه بمواقف خصمين سياسيين، ما دفع الحزب لممارسة جهود كبيرة لارساء التهدئة.

ولا تقتصر الاشكالية داخل فريق "8 آذار" على علاقة بري-عون، فعلاقة عون برئيس "تيار المردة" ​سليمان فرنجية​ ليست أيضًا على أفضل ما يُرام، فموافقة الأخير على تمديد ولاية قائد الجيش العماد جان قهوجي يرفضها عون جملة وتفصيلا، كما يرفض رئيس تيار "المردة" لجوء "التيّار الوطني الحر" الى الشارع لتحقيق مطالبه.

ولعل علاقة عون بـ"حزب الله" وحدها تبقى الأمتن داخل فريق "8 آذار"، الا أن ذلك لا يعني أن الفريقين لا يبذلان مساع كبرى لاحتواء الاختلاف في وجهات النظر بينهما والذي تجلى واضحا بدعوة عون لاعتماد الفدرالية وهو طرح لا يقبل الحزب حتى بمجرد وضعه على طاولة النقاش. ويجد "حزب الله" نفسه مضطرا لمسايرة عون بتصعيده من داخل الحكومة مشترطا عدم زعزعة أساساتها او اسقاطها في الشارع، ما سيجعل جنرال الرابية يعد للمئة قبل تحريك شارعه مجدّدًا.

وتتحدث مصادر فريق "8 آذار" عن سياسة جديدة ينتهجها عون أشبه بـ"سياسة اليائسين"، لافتة الى أنّه "وباطار هذه السياسة لا يمكن استبعاد لجوء العماد عون لأي من السيناريوهات التي يلوّح بها منذ مدة ولعل أبرزها قلب الطاولة على أخصامه وحلفائه في آن بعدما باتت رئاسة الجمهورية أبعد ما تكون عنه، والتمديد لقائد الجيش الحالي أشبه بأمر واقع".

وترى المصادر أن "عون سقط ضحية خديعة كبيرة من تيار المستقبل والمملكة العربية السعودية، فبعدما تلقى اشارات ايجابية من الطرفين بامكانية السير به للرئاسة ومن ثم تحديد أطر اتفاق حول اتمام التعيينات وتعيين قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز قائدا للجيش، تراجع أخصام عون عن وعودهم تاركين اياه في منتصف الطريق لا يملك الا المواجهة باللحم الحي".

بالمحصلة، قد يكون من المفيد لجوء فريق "8 آذار" الى آليات واضحة للتنسيق ما بين مكوناته حرصا على استمرارية هذا الفريق وضمان تحقيق أهدافه الكبرى التي تكاد تضيع في متاهات زواريب السياسة المحلية خصوصًا اذا ما استمر عون وبري يحرجان "حزب الله" الذي أظهر صبرًا كبيرًا في التعامل معهما.