جاءت تحذيرات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، بتقليص خدماتها للاجئين الفلسطينيين(1)لتفتح الباب على مصراعيه أمام معاناة جديدة لمئات آلاف الأسر الفلسطينية في قطاع غزة، والتي تعيش ظروفاً صعبة أصلاً بفعل الحصار والأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية، في وقتٍ حذرت أوساط فلسطينية من خطورة ذلك واعتبرته "مؤامرة" على طريق إنهاء قضية اللاجئين.

وتأتي هذه التقليصات في ظل أوضاع اقتصادية ومعيشية متردية، وسط مطالبات للوكالة الأممية بالقيام بمهامها وتوفير التمويل اللازم لمشاريعها بدلاً من تقليصها.

تعسفية..

وفي هذا السياق، اعتبر اللاجئ الفلسطيني ​أحمد نبهان​ أن تقليصات الوكالة الدولية هي قرارات تعسفية ومجحفة بحق اللاجئين الفلسطينيين خصوصاً في قطاع غزة الذين يعيشون ظروفاً صعبة بفعل الحصار والعدوان والأوضاع المعيشية الصعبة.

وفي حديث إلى "النشرة"، تحدّث نبهان عن "مخططٍ للضغط على الشعب الفلسطيني من خلال هذه التقليصات التي طالت كافة مناحي حياتنا في قطاع غزة كالصحة والخدمات والتعليم، ومن غير المبرر استمرار ذلك".

وطالب نبهان الذي يقطن في مخيم الشاطئ ثاني أكبر مخيمات قطاع غزة للاجئين الفلسطينيين، وهو واحدٌ من ثمانية مخيمات موزعة على مناطق قطاع غزة، بالكف عن عملية التقليص والنظر إلى أوضع اللاجئ الفلسطيني المأسوية وعدم اتخاذ أي قرارات من شأنها زيادة معاناته.

وشدّد على أنّ "الوكالة أتت لإغاثة وتشغيل اللاجئ الفلسطيني وعليها القيام بمهامها دون تمييز أو الخضوع لضغوط".

مؤامرة..

وبينما وصف اللاجئ الفلسطيني نبهان تقليصات "أونروا" بالقرارات التعسفية، ذهب عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية ​طلال أبو ظريفة​، لحدّ القول أنّ ما يحدث هو "مؤامرة على قضية اللاجئين الفلسطينيين أكثر من أزمة مالية تتعلق بتقليصات في خدماتها ومشاريعها هنا أو هناك".

وأوضح لـ"النشرة"، أنه منذ توقيع اتفاقية "أوسلو" هناك محاولات رامية في إطار المجتمع الدولي لتصفية خدمات الوكالة المقدمة للاجئين الفلسطينيين، من خلال تقليص وصفه بالتدريجي لهذه الخدمات وإحالة صلاحياتها للدول المضيفة أو السلطة الوطنية الفلسطينية.

وشدّد أبو ظريفة على أن الوكالة هي أحد مرتكزات قضية اللاجئين الفلسطينيين، والمطلوب أن تستمر في تقديم خدماتها لا أن تتجه إلى تقليصات، رافضاً المساس باللاجئين.

وأضاف أبو ظريفة: "نحذر الوكالة الدولية من غضب أبناء شعبنا اللاجئين إزاء ذلك".

أزمة خانقة!

في المقابل، كشف المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في قطاع غزة ​عدنان أبو حسنة​ إن وكالة الغوث تعش أزمة مالية خانقة تقدر بعجز مالي في ميزانيتها يصل إلى 101 مليون دولار، مشيراً إلى أنه في حال لم يتوفر الدعم فإنها ستضطر إلى اتخاذ قرارات صعبة.

وفي حديث إلى "النشرة"، قال أبو حسنة إن أي قرارات ستتخذ بعد أسابيع من الآن، كاشفاً عن جهود جبارة تبذل في كافة الاتجاهات من قبل المفوض العام لـ "أونروا" والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إضافة إلى جهود بين الوكالة الدولية ووزير الخارجية الأردني رسائل إلى 50 قائد وزعيم دولة على مستوى العالم حول العجز المالي وما تمر به الوكالة الأممية.

وأوضح أبو حسنة أن "أونروا" ستعطي أكبر وقت للمانحين حتى بداية العام الدراسي للطلبة في غزة، مشيراً إلى أن تأجيله لم يطرح حتى اللحظة إلا في حال عجزت الوكالة عن توفير الأموال.

وعن اتهامات متعددة للوكالة الدولية بأن هذه التقليصات تأتي في إطار تصفية قضية اللاجئين، اعتبر المستشار الإعلامي أن هذا "كلام فارغ، والأونروا وجدت بقرار من الجمعية العالمة للأمم المتحدة، ومستمرة في عملها والجسم الوحيد الممكن أن يقرر في مستقبلها هي كل أعضاء الجمعية العالمة وليس بعض الأشخاص هنا أو هناك".

وأضاف أبو حسنة: "الاونروا باقية وليست للبيع".

(1)تواجه "أونروا" عجزًا ماليًا بمبلغ 101 مليون دولار في موازنتها لما تبقي من العام الجاري، الأمر الذي قد يتسبّب في تقليصها الخدمات المقدمة في مجال الخدمات والصحة والتعليم وتسريح عدد من العاملين، إضافة إلى وقف تطوير عدد من البرامج، ووقف عملية التوظيف المرتبطة بالميزانية وإنهاء عقود 85% من الموظفين الدوليين الذين يعملون بعقود مؤقتة، فيما حذر مسؤولون فيها من أن عدم تغطية هذا العجز من شأنه أن يدفعها لتأجيل بدء العام الدراسي الجديد لنصف مليون طالب لاجئي في مدارسها في مناطق عملياتها الخمسة، إلى جانب تضرر قرابة نصف سكان قطاع غزة ممن يستفيدون من الخدمات الصحية المقدمة لهم بشكل مباشر.

وقد عقدت الوكالة الأسبوع الماضي اجتماعًا استثنائيًا هامًا للهيئة الاستشارية لها في العاصمة الأردنية عمّان، لبحث أزمتها المالية، وتداعياتها على عملياتها في المناطق المختلفة، قبل أن تعقد مؤتمراً صحفياً يوم الاثنين لنائب المفوض العام لـ"أونروا" ساندرا ميتشيل، أكدت فيه أن الوكالة تجري اتصالاتها مع جميع الأطراف لتوفير الدعم اللازم، وإنها لم تتخذ بعد أي قرار لتأجيل العام الدراسي الجديد، مشيرة إلى أن القرار بيد المفوض العام لوحده والذي سيتقرر وفقا للوضع المادي للأونروا.