ما زالت الدراجات النارية في ​مدينة صيدا​ ومنطقتها ممنوعة منذ ستة عشر عاما حين اتخذ مجلس الأمن الفرعي في الجنوب قرارا بحظر تجوال الدراجات النارية في صيدا أواخر العام 1999، اثر جريمة اغتيال القضاة الأربعة على قوس محكمة قصر العدل في صيدا.

وقرار حظر تجوال الدراجات النارية في صيدا اتخذ في مجلس الأمن الفرعي في الجنوب وعدد من بلدات قضائها، للمرة الاولى اواخر العام 1997 بعدما شهدت المدينة احداثا امنية ولا سيما اغتيال عسكريين واستخدم منفذوها دراجات نارية، فاعتبرت الوسيلة الاسهل للفرار والتواري عن الانظار دون ترك اي اثر، ثم عاد المجلس برئاسة محافظ الجنوب الاسبق فيصل الصايغ وأكد على قراره أواخر العام 1999، اثر جريمة اغتيال القضاة الأربعة على قوس محكمة قصر العدل في صيدا، حيث اقتصر قرار الحظر حينها على المدينة وحدها، ليعود بعدها في العام 2001، ويجدد قرار الحظر ويعدله بحيث شمل 12 بلدة في محيط صيدا، هي: حارة صيدا والهلالية وعبرا والبرامية والصالحية وبقسطا ومجدليون وعين الدلب والقرية وزغدرايا والمية ومية ودرب السيم، مضيفا اليها قبل فترة وجيزة بلدة مغدوشة لتصبح 13 بلدة بالاضافة الى صيدا، ملوحا بأن الاجراءات ستكون صارمة بحق المخالفين، ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم ابقيت صيدا مدينة خالية من الدراجات النارية خلا بعض الخروقات في ضواحيها.

اليوم بعد ستة عشر عاما، وفيما تعيش المدينة تداعيات القرار لجهة تيسير حركة المواطنين يجد ابناء المدينة ضآلتهم في منعهم عن استخدام الدراجات النارية، بالاقبال على شراء الدراجات "الكهربائية" التي تشبه الى حد كبير "الهوائية"، غير انها تعمل على بطارية لمسافة 40 كلم قبل يعاد شحنها مجددا، يجدونها بين تفادي الازدحام الخانق والدواعي الامنية، منقذا لهم من عجقة السير وارتفاع اسعار البنزين والاهم من كل ذلك بانها "صديقة البيئة" وصوت محركها غير مزعج على الاطلاق ولا تحتاج الى الوقود (البنزين)، وسرعتها لا تتجاوز 45 كلم بالساعة، تعمل على بطارية من عيار 12 فولت، واذا زاد "المشوار" عن ذلك يمكن استخدام "الدوّاسات" كما حال الدراجات الهوائية للعودة مجددا الى المنزل او مكان العمل، واعادة شحنها مجددا لبضع ساعات فقط.

اقبال على الشراء

داخل محله المتواضع في "حي البراد" في صيدا، ينهمك المعلم "ابو نضال" سميح بتركيب دراجة كهربائية وهو يتحدث الى زبون، جاء يسأله عن تفاصيلها بعدما باتت تغزو شوارع مدينة صيدا كبديل "آمن" عن الدراجات النارية، يقول "ان الاقبال عليها بدأ منذ سنة ونيّف، اذ لم تكن من قبل معروفة في المدينة، هي بالاساس من صنع الصين واستخدمت في سوريا كثيرا، واليوم في لبنان، وهي عبارة عن قطع منفصلة نقوم بتجميعها ويتطلب الامر يوما كاملا كي تصبح جاهزة للاستخدام بعد التجربة، فيما سعرها يبدأ من 450 دولارا اميركيًّا وما فوق وفق خصائصها، اي انه بمقدور اي عامل او رب اسرة لا يملك وسيلة نقل ان يشتريها لان سعرها زهيد قياسا على ثمن السيارات اليوم"، مضيفا "نحن نقوم بشراء هذه القطع بالمفرّق من تجار جملة في بيروت الذين يستوردونها من الصين، ونقوم بجمعها وبيعها".

لا ترخيص او رسوم

ولا يحتاج صاحب الدراجة "الكهربائية" الى ترخيص لاقتنائها، او حتى الى التصريح عنها في مصلحة تسجيل المركبات والاليات (النافعة) ولا الى معاينة "ميكانيك" دوريا، اذ لا رسوم سنوية عليها مثل السيارات او الدراجات النارية، ولا تحتاج الى رخصة قيادة، ويناسب حجمها المتوسط وشبه الموحد كل فئات المجتمع، عمال ورجال وشبان وفتيان... وكلها ميزات تجعل الاقبال عليها كثيفا.

ويؤكد العامل علي حبّال، انه اشترى واحدة منذ اشهر وما زال يستخدمها بكل سرور، يقول "لقد حلّت لي مشكلة كبيرة في التنقل من المنزل الى مكان عملي في المدينة الصناعية وفي قضاء حاجتي عند شراء اي غرض، انها رائعة وجميلة بكل ما للكلمة من معنى وقد جاءت لتلبي رغبة ابناء المدينة الى وسيلة تنقل سهلة بعد قرار مجلس الامن الفرعي في الجنوب منع استخدام الدراجات النارية في صيدا و13 بلدة محيطة بها في قضائها"، وبعد تضرر الكثير من المواطنين الذين كانوا يعتمدون عليها في تنقلاتهم اليومية وفي انجاز اعمالهم، الى جانب بعض اصحاب المؤسسات الصغيرة مثل مطاعم "الوجبات السريعة" و"الديلفري" وموزعي الصحف.

ويعتبر الشاب محمود حجازي الذي يملك واحدة، انها "وسيلة نقل مقبولة ما بين السيارة والدراجة النارية، والاهم من ذلك انها "منقذة" من "عجقة السير" و"توفيريّة" لا تتطلب الوقود (البنزين) في ظل اسعار المحروقات والازمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة"، موضحا ان "الكثير من اصحاب الدراجات النارية وخصوصًا جيل الشباب الذين يجدون فيها متنفسا للمتعة الرياضية والسباق، نفذوا منذ فترة اعتصامات احتجاجية للمطالبة باعادة السماح لهم باستخدام الدراجات النارية ولكن القرار الرسمي والامني كان حاسما بعدم الموافقة على اعتبار انها وسيلة سهلة للفرار بين الازقة ووسط الازدحام بعد ارتكاب اي جريمة او القيام عملية سرقة، بينما يمكن مطاردة سائق الدراجة "الكهربائية" وتوقيفه سريعا".