- لا يضيّع الرئيس فلاديمير بوتين وقته ولا يحارب طواحين هواء، فهو على درجة من الجدية تدرك أهمية الوقت، كما عبّر يوم مغادرته قمة الثماني في أستراليا بأنّ الساعات التي كان ينبغي له أن ينتظر نظراءه خلالها ليودّعهم ويحضر المؤتمر الصحافي الختامي للقمة هي ساعات أفضل كي يستثمرها في النوم.

- حمل الرئيس الروسي راية الإدارة السياسية لأزمات المنطقة التي وضعت واشنطن نفسها فيها طرفاً يعجز عن حمل أعباء صناعة الحلول، بعدما سلّمت واشنطن بعدم امتلاكها رؤية لهذه الحلول، وتمسكها بحق الفيتو على ما يعرض أمامها، وبالحصول على انخراط حلفائها في هذه الحلول، وقد حدث هذا وبدا واضحاً لمجرد الانتهاء من توقيع التفاهم الغربي مع إيران حول ملفها النووي.

- بدأ الرئيس بوتين يقارب الملفات بعناية، من دون تقديم مشاريع متكاملة للحلول، فتقدّم الرئيس بوتين بعنوان هو حلف إقليمي لمحاربة الإرهاب، يضمّ دول المنطقة المتضرّرة والمستهدفة، وفي قلب الأطروحة كسر الجليد الذي يتيح تقارباً سورياً سعودياً تركياً مصرياً، واستطراداً إيرانياً، فحاول الرئيس بوتين على الجبهتين التركية والسعودية، علماً أنهما الأشدّ بعداً عن موسكو، فالعلاقات الوثيقة لموسكو مع مصر تتخطى بكثير العلاقات الباردة مع السعودية.

- اختارت أنقرة الرهان على توغل في الجغرافيا السورية يمنحها فرصاً إضافية للعب دور في رسم مستقبل سورية كشرط للتعاون مع دولة سورية يكون لها فيها يد طولى، وتمسكت موسكو بسورية الدولة المستقلة ورئيسها، واحترام القواعد الدستورية والسيادية لاختيار من يمثل الدولة السورية، وقرّرت رسم خط أحمر للعبة التركية، وهذه المرة من واشنطن، فتجسّد ببيان شبه يومي للخارجية الأميركية عنوانه لا منطقة عازلة ولا منطقة حظر جوي داخل الحدود السورية، وليضرب رجب رأسه بالجدار حتى يعود راضياً.

- اختارت الرياض الارتباك، فمشت خطوة إلى الأمام وعادت خطوتين إلى الوراء، فلم تعتب موسكو، واكتفت بالردّ على كلام عادل الجبير بالقول إنها تتمسك بالرئيس الأسد، ولا تسمح باشتراط رحيله للانخراط في حلّ لسورية أو في الحرب على الإرهاب، وقرّرت ترك الرياض تخوض غمار تجربتها في اليمن الذي توهّمت أنها تنتصر فيه، بينما كانت الإحاطة الروسية قد وفرت لها شبكة أمان تسمح لها بخروج يحفظ ماء الوجه نحو التسويات، وانتهت الإحاطة.

- استدار لاعب الشطرنج بسلاسة نحو القلعة، وحرّكها لتثبيت مواقع وشروط اللعبة، فتوجه إلى مصر، وها هو في استقباله للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بعد تواصل روسي سوري مصري عنوانه التنسيق في مواجهة الإرهاب، عبّر الرئيس السوري عن تحيته وتقديره لمداه، فأطلق بوتين بحضور الرئيس السيسي مجدّداً دعوته إلى الحلف الإقليمي المشترك مع سورية، ورد ّالرئيس المصري بأنّ هناك تطابقاً بين الموقفين الروسي والمصري.

- مصر وسورية والعراق بداية التحالف الإقليمي ضدّ الإرهاب، هكذا قال الرئيس السوري، تلقفت مصر بعدما حرمت من تشكيل حلف للحرب على الإرهاب في ليبيا بضغط تركي سعودي، وها هي مصر تحصل على دور في الحلّ السياسي في سورية، بعدما عجزت السعودية عن تلقي الهدية.