فعل انسحاب وزراء ​تكتل التغيير والاصلاح​ وحزب الله من جلسة مجلس الوزراء يوم الثلاثاء فعله، نشطت حركة الاتصالات، عرّابها رئيس مجلس النواب نبيه بري مع رئيس الحكومة تمام سلام في محاولة لتأجيل تفجيرالحكومة التي تعتبر المؤسسة الدستورية الوحيدة الفاعلة جزئياً في ظلّ الفراغ الرئاسي والشلل في مجلس النواب.

لن يغيب وزراء التيار الوطني الحر والطاشناق والمرده وحزب الله عن الجلسة التي ستبحث في جدول أعمالها المقرّر من 39 بنداً. سيدلي كلّ من الوزراء الحلفاء بدلوه من فضيحة المراسيم ورفض الانقلاب الذي قام به رئيس الحكومة ووزراء تيار المستقبل وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء التشاوري، والذي لا يجوز الاستهتار به كما تقول مصادرعونية، على اعتبار أنّ إقرار المراسيم من دون إجماع وزاري بدعة جديدة نشأت مؤخراً تنتهك صلاحيات رئيس الجمهورية، وهي إنْ كانت عارضة، لكنها تضاف إلى آلية عمل الحكومة التي ضربت عرض الحائط من قبل تيار المستقبل والرئيس سلام في ملف التعيينات الأمنية والعسكرية. وتبدي المصادر العونية تخوفاً من أن يكرّر الرئيس سلام ما حصل في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عامي 2007 و2008 من إقرار لمراسيم، على رغم انه لا يمكن المقارنة بين توقيع الـ70 مرسوماً والمراسيم التي صدرت عن حكومة السنيورة يومذاك، والتي لم تراعِ الميثاق الوطني ومقدمة الدستور التي تنص على العيش المشترك والوفاق، واتخذت في غياب مكون رئيسي من المكونات اللبنانية (الشيعة)، في حين انّ المراسيم اليوم وقعت في غياب مكون سياسي لا طائفي، فكلّ الطوائف ممثلة داخل مجلس الوزراء.

واستمرت المساعي حتى ساعة متأخرة من ليل أمس لتذليل العقبات في شأن موضوع المراسيم الـ70، كي تعقد جلسة الخميس العادية بروح من التفاهم والوفاق، وأجرى وزير المال علي حسن خليل بتكليف من بري اتصالات بسلام وبالمكونات الحكومية التي انسحبت من جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء لنزع فتيل التصعيد ودرءاً للخلل الذي قد يحصل.

وفي التقديرات السياسية، فإنّ رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون الذي أرجأ مؤتمره الصحافي الذي كان مقرّراً عند الحادية عشرة من قبل ظهر أمس إفساحاً في المجال مرة جديدة للاتصالات والوعود، ولكي لا يخلط بين "العارض" و"الجوهري"، يتجه وزراؤه لدرس هذه المراسيم تمهيداً للتوقيع على ما ينطبق عليه عنوان الضرورة على غرار ما قاموا به مع مرسوم ترقية الضباط الذين تخرّجوا من الكلية الحربية، ومن لا ينطبق عليه من المراسيم عنوان الضرورة لا يوقعون عليه، ويجمّد بموافقة رئيس الحكومة على اعتبار أنّ الذي حصل انقلاب على الدستور وعلى آلية العمل التي تمّ التوافق عليها. وبذلك يكون الجنرال وحزب الله كسبا جولة في المعركة السياسية الحكومية، وخرج الرئيس بري من الإحراج الذي رافق توقيع وزيريه علي حسن خليل وغازي زعيترعلى المراسيم.

وشرح بري أمس وجهة نظره الدستورية تجاه المراسيم الـ70 العادية، ونقل زواره عنه لـ"البناء" تمييزه المراسيم التي تتصل بصلاحيات رئيس الجمهورية، إذ أنّ هناك مراسيم تختص بموقع الرئاسة ولا يمكن تفويضها بغياب الرئيس لغيره مثل منح العفو الخاص، والجنسية وقبول اعتمادات السفراء، وهناك صنف آخر من المراسيم التي تختصّ بموقع الرئاسة، لكن يمكن نقلها في غيابه الى غيره، لكن شرط ان يكون التفويض لمجلس الوزراء مجتمعاً مثل المراسيم العادية التي تحتاج الى توقيع 24 وزيراً، والمراسيم التي تصدر عن مجلس الوزراء ويوقع عليها منها ما يحتاج تبعاً لطبيعتها الى النصف زائداً واحداً ومنها ما يحتاج الى أكثرية الثلثين. ويلفت بري الى "أنّ المراسيم العادية لا تصدرعن مجلس الوزراء، انما يوقعها الوزير المختص ووزير المالية ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، وعلى هذا الأساس هي تحتاج الى توقيع 24 وزيراً، ولا يكفي إمضاء 18 وزيراً عليها لكي تصبح صالحة للإصدار.

قد تحلّ مشكلة المراسيم اليوم لكن المشكلة المتصلة بآلية العمل والتعيينات العسكرية لا تزال عالقة، ولذلك سيدعو العماد عون غداً الى تحرك الأسبوع المقبل لمتابعة الضغط لحلّ المسائل الجوهرية المتصلة بحقوق المسيحيين، بغضّ النظر عن مشاركة مناصريه في تظاهرة السبت لحملة "طلعت ريحتكم".

وفي السياق، جدّد رئيس مجلس النواب على "أنّ من حق الناس في ظلّ هذه الأوضاع التي نحن فيها وواقع عمل المؤسسات الدستورية أن ترفع صوتها وتتظاهر"، مذكراً بأنّ "حرية التظاهر والتعبير حق يكفله الدستور". ووافق على أنّ حركة الغضب الشعبي يجب ان تؤخذ في الاعتبار وان تكون حافزاً إضافياً للقيام بشيء ما لإعادة لملمة الأوضاع والبحث عن حلول للمشاكل العالقة.

وميّز بري بين الحراك السلمي وبين المشاغبين الذين اندسّوا وافتعلوا المشاكل واعتبر "أنّ بعض المجموعات التي تتحرك مرتبطة بأجندات خارجية". ورفض بشدة "الحملة التي شارك فيها بعض وسائل الإعلام على حركة أمل في شأن ما حصل من أعمال شغب رافقت التظاهر"، واعتبر "أنّ هناك مخططاً لاستهداف حركة أمل واضح المعالم وخلفياته معروفة، ففي اليوم الأول اتهمونا بإطلاق النار على المتظاهرين، وفي اليوم الثاني على رجال الأمن، لكن الوقائع والقرائن تؤكد ان لا علاقة للحركة بأعمال الشغب التي حصلت خلال التظاهرات، ونحن ندين هذه الأعمال والتصرفات لا سيما أنّ منطلقات حركة امل لها علاقة بمطالب المحرومين والشعب.