هل يمشي البلد بكامل وعيه وعلى رجليه طائعاً مطيعاً إلى الهاوية؟

هل نحن في أجواء 1975 من دون أن ندري؟

هل هناك مَن يشدُّ البلد إلى حروب صغيرة متنقلة إذا تعذرت الحرب الكبرى؟

هذا ما تُنبئ به بعض التطورات والملفات المشتعلة، فما بدأ يحدث في وسط بيروت من كرٍّ وفرٍّ وشغب ليلي، يُذكِّر بما كان يحدث على خطوط التماس في ربيع العام 1975، وانهيار السلطة آنذاك بدأ بانهيار الأسواق.

بالتأكيد ليست كلُّ الظروف متشابهة، ولكن هذه النزعة القوية إلى التكسير والحرق وتخريب المنشآت العامة والخاصة ينمُّ عن نيات مريبة ليس مستبعداً أن تتمَّ ترجمتها في أيِّ لحظة شيطانية، وهنا لا بدَّ من طرح المعادلة التالية:

إذا مُنِعَت التظاهرات والإعتصامات في وسط بيروت، سيُقال إنَّ السلطة تقمع الحريات، وإذا سُمِحَ بهذه الإعتصامات والتظاهرات، أو أُرغمت الحكومة على السماح بها، فإنَّ هناك مندسين سيعمدون إلى القيام بأعمال شغب وتكسير وتخريب، فما هو المخرج بين الإثنين؟

أليس من الأجدى تحييد وسط بيروت كي لا نعود إلى 1975 مرة ثانية؟

إنَّ المراقبين بدأوا يتوجسون مما يجري، وليست مصادفة أن تدعو السعودية والكويت والبحرين رعاياها إلى عدم زيارة لبنان.

إنَّ الحكومة اللبنانية مدعوة إلى تلقف الأمر وتحضير خطة لوسط بيروت لإنقاذه قبل فوات الاوان، خصوصاً إذا كانت هناك نية مبيتة لضرب الوسط مع ما يعني ذلك من ضربٍ لسمعة الدولة وهيبتها الإستثمارية والإقتصادية والسياحية.

ولكن عن أيِّ حكومةٍ نتكلَّم؟

هل نتكلَّم عن حكومة محاصرة بمئة ألف طن من النفايات المتراكمة في الشوارع؟

هل نتكلَّم عن حكومة تتفرَّج على النفايات تزداد 4000 طن في اليوم وهي عاجزة عن تحريك أيِّ ساكن؟

هل نتحدث عن حكومة كان يُفتَرض فيها أن تزفَّ إلى اللبنانيين أنها أَنجزت إنشاءات النفايات فزفَّت إليهم المناقصات؟

هل نتحدَّث عن حكومة لا تُفسِّر للناس كيف تتأهل شركة ما تقنياً في منطقة وتسقط في منطقة أخرى؟

هل نتحدَّث عن حكومة يقول وزير البيئة فيها، بعد الإعلان عن نتائج المناقصات:

أنّ إنجاز المناقصات صفحة تاريخية وصفحة جديدة في تاريخ إدارة قطاع النفايات الصلبة، وهي عظيمة الأهميّة على مختلف الصعد الحكوميّة، والبيئية والإجتماعية والإقتصادية، ثم يعلن في اليوم التالي في مجلس الوزراء أنّه يرفض هذه المناقصات؟

لهذا السبب فإنَّ البلد في مهبِّ الريح، خصوصاً أنَّ اليوم الخميس سيكون يوماً عصيباً، بين ما يمكن أن تقرره الحكومة وما يمكن أن تكون عليه ردة فعل العماد ميشال عون من رفض لمثل هذه القرارات، خصوصاً أنّه يتوعد بتكثيف التظاهرات والإعتصامات وصولاً إلى العصيان المدني.

ليسارِع المعنيون قبل فوات الأوان، فقد يضيق الوقت وتفلت الأمور عن ضوابطها ووعيها، ويسير البلد على رجليه نحو الهاوية.