رأت مصادر سياسية انّ "الأسباب التي تجعل تيار "المستقبل" يقف هذا الموقف الذي لا يحبّذه عديدة، وأولها أنّه يبدو كمن يقف ضدّ شعبه وبيئته، في وقتٍ يعلم الجميع أنّ أنصار "المستقبل" مثلهم مثل باقي المواطنين يئنّون ويتألّمون من الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية الصعبة التي يمرّ بها الوطن، وهم لا يمكن أن يكونوا راضين متى شعروا أنّ قيادتهم غير مكترثة بهم ولا تنظر إليهم إلا بوصفهم "وقوداً" يمكنها الاعتماد عليه في معاركها السياسية، وأنّها تعطي صمود الحكومة، التي يحلو للبعض بوصفها بـ"حكومة تيار المستقبل" إسوة بتسمية التيار للحكومة السابقة بـ"حكومة حزب الله"، الأولوية على كلّ ما عداها".

ولفتت المصادر في حديث لـ"الديار" إلى أنّ "المستـقبل" يعتبر نفسه وسط كلّ ذلك الخاسر الأكبر، إن لم يكن الوحيد، من هذا الحراك، فالاستهداف هو مباشرٌ لرموزه وحدهم دون غيرهم، من رئيس الحكومة تمام سلام الذي نفد صبره لكثرة ما جُرِح في الصميم، إلى وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي اتُّـهِم بإصـدار الأوامر بقمع الشعـب بشكلٍ مبـاشر، ولم تنفـع كلّ تبريراته وتوضيحاته في نكران ذلك، مرورًا بوزير البيئة محمد المشنوق، الذي حُمّل وحده أزمةً وطنية كبرى بحجم أزمة النفايات، رغم أنّ منطق الأمور يؤكّد أنّ المسؤولـية لا يمكن أن تكون إلا جماعيّة في المقام الأول كما الأخير".

أبعد من ذلك، لفتت المصادر إلى أنّ "المستقبل" أصلاً لا يعتبر الشعارات المرفوعة في الاعتصامات التي وصلت لحدّ " تغيير النظام" بريئة لا شكلاً ولا مضمونًا، وهي تعتبر أنّ المعتصمين سواء كانوا يشاركون في الحراك عن حسن أو سوء نيّة يحقّقون لـ "حزب الله" وحلفائه مجانًا ما عجز عن تحقيقه بأساليب الترغيب والسياسة والدبلوماسية، خصوصًا أنّهم يطالبون مثلاً باستقالة الحكومة وهم يدركون أنّ لا رئيس جمهورية في البلاد وأنّ المجلس النيابي معطَّلٌ، ما يعني أنّهم يرمون البلد برمّته في الفراغ الشامل عن سابق تصوّر وتصميم، وهو ما لا يمكن أن يخدم إلا سياسة الحزب الذي كان أمينه العام السيد حسن نصر الله من أوائل من دعوا لمؤتمر تأسيسي يعيد تأسيس النظام اللبناني عن بكرة أبيه.