إنه زمن أرقام النفايات، وهي أرقام لا تُخطئ لأنَّ رائحتها ملأت الأنوف.

يقول أحد المقاولين الذين فازوا بإحدى المناقصات في إحدى المناطق إنه مستعدٌ أن يقوم بما تقوم به سوكلين بالتقنية ذاتها والمعامل ذاتها والمكب ذاته بسعر 80 دولار للطن.

في عملية حسابية بسيطة، إذا كانت سوكلين تتقاضى 150 دولاراً عن كل طن، فهذا يعني بحسب أرقام هذا المقاول أنها كانت تربح ربحاً صافياً 70 دولاراً عن كلِّ طن، وإذا كانت تجمع في اليوم 4000 طن فهذا يعني بكل بساطة أنَّها كانت تربح في اليوم 280 ألف دولار، وفي 365 يوماً أي في السنة، مئة مليون ومليوني دولار. ولأنَّ سوكلين بدأت العمل منذ عشرين عاماً فهذا يعني أن أرباح سوكلين بلغت حتى الآن مليارَي دولار. أي أنَّها تقاضت من جيوب المكلَّف اللبناني أربعة مليارات دولار نسبة الربح فيها ملياران.

وبعد، هل نسأل أين تذهب أموال اللبنانيين؟

وهل نسأل:

لماذا لبنان مسروقٌ وليس مكسوراً؟

ويحقُّ لنا أن نسأل أيضاً:

ما هو البزنس في لبنان الذي يدرُّ مليار دولار أرباحاً في عشرين عاماً؟

وما هو البزنس الذي لا يُخسِّر على الإطلاق، بل إنَّ أرقامه في تصاعدٍ مضطرد لأن إنتاج النفايات في تصاعدٍ مضطرد، فكلما ازدادت النفايات كلما ازدادت أرباح الشركة الآنفة الذكر المفتوح ملفها أمام النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم، ما يستوجب السؤال التالي:

أين أصبحت التحقيقات في هذا الملف؟

أين أصبح عمل اللجنة التي شكَّلها القاضي ابراهيم للتدقيق في ملفات الشركة وفي حساباتها المالية؟

***

لكن في المقابل مَن يُغطي فضيحة التغطية التي عمد إلى القيام بها وزير البيئة الصديق محمد المشنوق، الذي يبدو أنَّ عدَّاد الفضائح لا يتوقف عنده:

الفضيحة الجديدة أنه في الوقت الذي يبدو فيه ملف شركة سوكلين مفتوحاً أمام النيابة العامة المالية، فإنَّ وزير البيئة عمد إلى الطلب من الشعب اللبناني أن يوجِّه تحيات شكر إلى سوكلين! فهل يُعقَل هذا الطلب؟

وهل يجوز أن يُشكَر مَن هو في مرحلة المثول أمام القضاء للتدقيق في الأموال وفي الأرباح؟

***

أيها الناس، هل تعرفون أنَّ أرباح آبار النفايات في لبنان تتجاوز أرباح آبار النفط؟

هل تعرفون أنَّ النفايات هي السلعة الأكثر ربحية في لبنان والعالم بأسره.

متعهِّد النفايات يربح أكثر من أرباح النفط، وأرباح النفايات لا تتراجع لأن سعر طن النفايات لا يتراجع على غرار تراجع سعر برميل النفط.

***

هكذا تُدار الأمور في لبنان، فلو أنَّ هذه الأموال أُعطيت للبلديات لكانت كلُّ بلدية أو كلُّ إتحاد بلديات وفَّر البنى التحتية والتجهيزات وعالج ملف النفايات، ولكانت كلُّ بلدية أو كلُّ إتحاد بلديات تنافس مع غيره على استخدام الوسائل الفضلى.

لكن مثل هذه الحلول لا تمشي في لبنان لأنها غير مطابقة للكوميسيون والرشاوى.