اليوم السبت 29 آب 2015، ماذا يمكن أن يحدث عملياً في ساحة الشهداء؟

هذه الساحة التي اعتادت على التغيير منذ ربيع العام 2005، فوُلِدَت فيها 14 آذار التي قلبت الأوضاع رأساً على عقب في لبنان وأعطت دروساً إلى المنطقة العربية، فعوقِبَت بالمزيد من الإغتيالات من شخصيات وزارية ونيابية وإعلامية وفكرية، لكنها لم تنكفئ وإنْ كان التغيير أكثر صعوبةً بعد كل هذه الإغتيالات. ويجب ألا يسقط من ذاكرة الكثيرين كيف أنه تمَّت حماية شخصيات 14 آذار في أماكن آمنة لإبعاد شبح الإغتيال عنها، علماً أنَّ بعضها تمَّ اصطياده اغتيالاً غداة عودته من الخارج، ما يعني أنَّ الإستعدادات للإغتيال كانت جاهزة ولم تكن تنتظر سوى الهدف، هذا ما حلَّ مع الشهيد جبران التويني غداة عودته من باريس، وما حدث مع النائب الشهيد انطوان غانم غداة عودته من دبي.

هذه المعطيات والوقائع يجب ألا تغيب عن الذين سينزلون إلى ساحة الشهداء اليوم، فهذه الساحة معمَّدة بدماء ولا يجوز إلا أن تبقى مرفوعة الهامة بالكرامة سواء أكانت كرامة وطنية أم كرامة مطلبية.

الذين سينزلون إلى ساحة الشهداء اليوم، هُم جيل الشباب الذين اكتووا بالوعود الحكومية من دون أن يجدوا ترجمةً لها، وحسناً هناك إنترنت لأنها ساعدتهم، عبر مواقع التواصل الإجتماعي ولا سيما منها فايسبوك وتويتر وانستغرام، على التواصل وعلى تجييش الرأي العام من خلال تقنية الهاشتغ أو الوسم، والتي بفضل هذه التقنية راجت هاشتغات طلعت ريحتكم، بدنا نحاسب، إلى غيرها من الهاشتغات.

الشباب صادقون وعفويون ومُحقُّون، منهم مَن تخرَّج هذه السنة ولم يجد فرصة عمل، منهم مَن تخرَّج السنة الماضية وحتى الآن لم يجد عملاً، معظمهم يعاني انسداد أفق المستقبل، فلا عمل ولا فرصة عمل ولا أمل بفرصة عمل.

الشباب لا يجدون أمامهم سوى أبواب مقفلة وارتفاع دراجات الإحباط واليأس، مثلهم مثل أي مواطن يدفعون فاتورة الكهرباء مرتين والماء مرتين والهاتف مرتين، لا الحكومة تحاورهم ولا الطبقة السياسية تسأل عنهم، سُدَّت في وجههم أبواب الأمل فقرروا فتح أبواب ساحة الشهداء، وهُم محقُّون في ذلك.

ولكن ماذا بعد 29 آب؟

المطالب ارتفعت، الأهداف حُدِّدَت، فكيف سيتم البدء بتنفيذها؟

ما هو المسار؟

ما هي خارطة الطريق؟

الشعارات التي ستُرفَع ستكون في معظمها صادقة وعفوية وجدية، ولكن ما هي الآلية التنفيذية؟

وكيف ستتم ترجمتها؟

سينتهي نهار 29 آب، سيتفرَّق المتظاهرون، وهُم عائدون إلى منازلهم سيشاهدون مجدداً أكوام النفايات على حالها، سيكتشفون أنَّ التغيير ليس مسألة نهار... إنه مسار.