يُمعن الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ خطة التعرض للمسيحيين في الشرق الأوسط بهدف تهجيرهم، عبر ما ينفذه بشكل مباشر أو عبر أدواته في "داعش" وغيرها.

وحصلت "اللـواء" على وثيقة كشف عنها عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" دمتري دلياني (وهو من أصل يهودي لكن ضد الصهيونية) عن إصدار محكمة دينية يهودية عبارة عن رسالة موجهة إلى حاضرة الفاتيكان تطالب قداسة البابا فرنسيس بالاعتذار عن اعترافه بالدولة الفلسطينية خلال أسبوعين، مهددين بمقاضاة البابا أمام هذه المحكمة في 20 أيلول المقبل، وإن لم يحضر فستتم محاكمته غيابياً.

تزامن ذلك، مع إقدام قوات الاحتلال الإسرائيلي على توقيف رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس المطران عطا الله حنا على أحد حواجز الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية بعد ترؤسه قداساً دينياً وذلك لأكثر من 3 ساعات.

وكانت الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية ضد المقدسات، خاصة المسجد الأقصى، محور اللقاء الذي عقد بين رئيس دولة فلسطين محمود عباس والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أمس في مقر الديوان الملكي الهاشمي في العاصمة عمان.

ولفت الرئيس عباس إلى أن الاجتماع تناول ما يجري في مدينة القدس، وما تتعرض إليه من خطر إسرائيلي، والدور الذي يقوم به الملك عبدالله الثاني لحماية القدس ومقدساتها والدفاع عنها، مشيراً إلى أنه تم التطرق أيضاً إلى تطورات الأوضاع على الساحتين السورية واللبنانية. من جانبه، أعاد العاهل الأردني التأكيد على وقوف الأردن بكل طاقاته وإمكاناته إلى جانب الشعب الفلسطيني، وبما يعزز تماسكه ووحدته الوطنية.

وفيما يتعلق بالأوضاع في مدينة القدس، جدد الملك عبدالله رفض الأردن الكامل للسياسات والإجراءات الإسرائيلية الأحادية المستمرة والاعتداءات المتكررة على المقدسات في المدينة.

وأكد استمرار المملكة ومن منطلق الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في القدس، بمواصلة دورها وفي مختلف المحافل لحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة، وتثبيت أهلها بما يحافظ على هوية المدينة المقدسة وعروبتها.

وحضر الاجتماع أمين سر اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" صائب عريقات، سفير فلسطين لدى المملكة عطا خيري ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، وعن الجانب الأردني رئيس الديوان الملكي فايز الطراونة، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية ناصر جودة، ومستشار الملك لشؤون الأمن القومي ومدير المخابرات الفريق أول فيصل الشوبكي ومدير مكتب الملك جعفر حسان.

وفي تطور لافت يعكس مدى التطرف اليهودي، المسيطر على حكومات الاحتلال، والذي لا يقيم وزناً لا للمواثيق والأعراف ولا أيضاً للمقامات، وفي طليعتها الروحية، فقد أصدرت محكمة دينية يهودية مكونة من 71 حاخاماً يعتبرون أنفسهم "حُكماء" وامتداداً للمحكمة الدينية العليا التي أدارت شؤون اليهود في حقبات تاريخية، رسالة موجهة إلى حاضرة الفاتيكان، تطالب قداسة البابا فرنسيس بالاعتذار عن اعترافه بالدولة الفلسطينية خلال أسبوعين.

ومنذ أن اعترف الفاتيكان بالدولة الفلسطينية (16 أيار 2015) ثم توقيع اتفاق شامل بين دولة فلسطين والكرسي الرسولي في حاضرة الفاتيكان (26 حزيران 2015) جن جنون الحاخامات اليهود، لأن ذلك يُعطي بعداً جديداً باحتضان مسيحي بعد الإسلامي للقضية الفلسطينية وهو ما أصبح يهدد الكيان الصهيوني.

وكشف دلياني عن مضمون الرسالة التي حصلت "اللـواء" على نسخة منها، حيث تتضمن الكثير من الادعاءات الكاذبة حول تاريخ فلسطين، والسعي إلى سلب الشعب الفلسطيني حقوقه الطبيعية في وطنه، ونكران أي حقوق لغير اليهود في فلسطين.

وشدد على أن هذه المحكمة لا تحمل أي صفة قانونية تعطي وزناً لـ "مسرحيتها"، لكن الخطورة تكمن في أن هذا المستوى الجنوني من التطرف الايديولوجي يخرج من حاخامات لهم تأثير كبير على حكومة الاحتلال وأحزاب تحالفها واليهود المتدينين، خاصة المجموعة الموقعة على الرسالة من أمثال: يوئيل شوراتز، دوف ليفانوني، إسرائيل ارئيل، دانيال ستافسكي، يهودا ادري ومائير شتاين.

واعتبر أن عدم صدور موقف من حكومة الاحتلال حول الرسالة، خاصة خلال تواجد رئيسها بنيامين نتنياهو في العاصمة الايطالية، بالإضافة إلى أن المتطرفين الذين أصدروا الرسالة ويمهدون لإنتاج مسرحيتهم في 20 أيلول، مقربون من دوائر الحكم في دولة الاحتلال، يشير إلى موافقة حكومة نتنياهو على روحها العنصرية ومضمونها الذي يرفضه العقل.

وأكد دلياني أن الحكومات الإسرائيلية لم تعد قادرة على إخفاء تطرفها، ليرى العالم برمته أن الظلم والقمع والقتل والتشريد المفروض على الشعب الفلسطيني أساسه إيديولوجية سياسية مبنية على تفسيرات متطرفة للدين اليهودي، وأن حكومة نتنياهو تمثل اليوم الراعي الأول لهذا الفكر المتطرف.

وناشد دلياني الفاتيكان والكنائس الكاثوليكية حول العالم، التحرك لوقف العنجهية والعنصرية والاحتلال الإسرائيلي لأراضي الدولة الفلسطينية.

وفي خطوة استفزازية تثبت الهمجية والتطرف الصهيوني، أقدم حاجز الاحتلال الإسرائيلي في منطقة نعلين بين عابود والقدس على توقيف المطران حنا بعد ترؤسه احتفالاً دينياً لمناسبة عيد رقاد السيدة العذراء في كنيسة سيدة النياح للروم الأرثوذكس في بلدة عابود - قضاء رام الله، وهي كنيسة أثرية تعود إلى القرن الرابع للميلاد.

وأثناء عودته إلى القدس المحتلة، حيث مقر إقامته، أوقفه حاجز الاحتلال لأكثر من 3 ساعات تحت أشعة الشمس، وتم التعامل معه ومع الوفد الذي رافقه بطريقة استفزازية وغير حضارية وغير إنسانية، بتعرضه لتفتيش جسدي، فيما كانت أعقاب بنادق جنود الاحتلال موجهة إلى صدره، كما جرى تفتيش دقيق للسيارة وكل الأواني الكنسية التي استخدمت في القداس.

تصرف الاحتلال ينم عن طريقة تعامل استفزازية تشكل تطاولاً على مقامه الديني، وعلى الحرية لرجل دين يخدم الكنيسة والأراضي المقدسة، ويقوم بدوره الروحي والإنساني والاجتماعي، فيما يواجهه الاحتلال بأسلوب مسيء، خاصة أن اعتقال وتوقيف المطران حنا تكرر على أيدي سلطات الاحتلال، وليس آخرها عندما احتجز بعد مشاركته في اعتصام أقيم استنكاراً وشجباً لاستيلاء الاحتلال على مبنى مسيحي يدعى "بيت البركة" المقام أمام مدخل مخيم العروب – شمال الخليل (26 حزيران 2015).

كما أن المطران حنا أفشل محاولات الاحتلال بمصادرة الأراضي والاستيلاء على الأراضي العائدة للأوقاف الأرثوذكسية في فلسطين، وكشف عن تزوير الاحتلال للعديد من هذه المستندات.

واستنكرت الهيئات الكنسية الأرثوذكسية في روسيا ورومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص هذا التصرف الهمجي للاحتلال، معربةً عن تضامنها معه، ورفض التطاول غير المسبوق الذي تعرض له، مؤكدين أن اتصالاتهم واحتجاجاتهم سوف تتواصل، إذ لا يجوز الصمت أمام هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان.

وكان المطران حنا قد ناشد "البابا فرنسيس وبطاركة الكنائس الأرثوذكسية وغيرها في العالم ورؤساء الكنائس المسيحية والمرجعيات الدينية الإسلامية بضرورة التعبير عن رفضهم واستنكارهم لجرائم الاحتلال النكراء، وهو يعتدي على شعبنا الفلسطيني وعلى مدينة بيت جالا، كما نعتبرها تعدياً على الحضور المسيحي العربي الفلسطيني في هذه الديار".

كما سُجل فرض قوات الاحتلال للأسبوع الثاني قيوداً وحصاراً على المسجد الأقصى المبارك، حيث منعت دخول النساء إلى المسجد من الساعة السابعة والنصف صباحا حتى الحادية عشرة ظهراً، رغم محاولاتهم المتكررة للوصول للمسجد من جميع بواباته.

كذلك فرضت قوات الاحتلال قيوداً بمنع من هم دون 25 عاماً من دخول المسجد الأقصى، واحتجزت بطاقات الهوية لكبار السن.

ويأتي ذلك في إطار خطة الاحتلال بالتقسيم الزماني للمسجد الأقصى مع خشية تحويله إلى تقسيم مكاني على غرار ما جرى في الحرم الإبراهيمي في الخليل من تقسيم زماني ثم مكاني.