بنود الحوار السبعة لن تُعَالَج بين ليلة وضحاها ولكن من الممكن وضعها على سكة الحل بإنتظار الظرف الملائم

يقول أحد الوزراء البارزين وهو حزبي عريق إنني كلما نظرت إلى وجه رئيس مجلس النواب نبيه برّي أتفاءل، غير أنني عندما أنظر إلى القيادات التي وجّه إليها الدعوة للمشاركة في طاولة الحوار الأربعاء المقبل سُرعان ما أتشاءم، فالرئيس برّي يسعى للإنقاذ والمحافظة على البلد واستقراره، بينما نجد أن معظم المشاركين في هذا الحوار لديهم إرتباطات وأجندات خارجية يعملون على أساسها، وهو ما يجعل من الصعب التكهّن بالنتائج بما سيؤول إليه هذا الحوار.

ويرى هذا الوزير أن هناك سبعة بنود للحوار وفي مقدمها إنتخاب رئيس للجمهورية فإذا حصل الاتفاق على هذا الإستحقاق سهل الإتفاق على باقي المواضيع، وفي حال تمّ التوافق على كل البنود وبقي البند المتعلق برئاسة الجمهورية فلن يكون لهذا الحوار من جدوى لأن ملء الشغور الرئاسي هو الأساس ومنه تنطلق الحلول لكل المشاكل.

وفي رأيه أن هناك إشارات إقليمية ودولية وصلت إلى الرئيس برّي وشجّعته على إطلاق مبادرة النبطية في هذا الظرف وهو الذي كان محتجباً على الإعلان عن أي مسعي في ظل الإنقسام السياسي الموجود، وبعد أن جرّب مرّات عدّة ولم يكن يلقى التجاوب المطلوب مع دعواته، غير أن ما سمعه أو وصله من الخارج والداخل جعله يسرّع الخطى في إعداد جدول الأعمال بدقّة قبل تحديد ساعة الصفر للإعلان عن هذه المبادرة الحوارية التي سُرعان ما لقيت ردود الفعل الإيجابية والمشجّعة على اعتبارها خشبة الخلاص في ظل هذا الليل الدامس عربياً ومحلياً.

وفي السياق ذاته تتساءل أوساط سياسية متابعة ما إذا كان الرئيس برّي يخبئ في جيبه أرنباً يُخرجه عندما يجد أن المناخات الإقليمية والدولية قد اختمرت وبات بالإمكان مقاربة الإستحقاقات الكبرى وفي مقدمها الانتخابات الرئاسية في أجواء هادئة بعيداً عن التشنّج السياسي والأمني.

وترى هذه الأوساط أن مجرّد إنطلاق الحوار هو حدث إيجابي كونه سينقل الصراع السياسي من الشارع وعن المنابر إلى طاولة الحوار، وطالما النقاش يصبح وجهاً لوجه فإن الكثير من العقبات والمشاكل يتم تذليلها حيث يصبح من الممكن تبادل التنازلات التي تكون ممراً في اتجاه الوصول إلى حلول، وهذا الأمر هو من الأمور الأساسية التي يرمي الوصول إليها الرئيس برّي الذي يسعى لإعادة ما انقطع بين القوى السياسية، وتهيئة المناخات لمواكبة أي تطورات محتملة بالنسبة للحراك الإقليمي والدولي الحاصل لطبخ تسوية كبيرة للمنطقة.

وترفض هذه الأوساط اعتبار اجتماعات الحوار مضيعة للوقت، أو وصف المبادرة بأنها لملء الفراغ، مشددة على أن الدعوة الحوارية جاءت في وقتها المناسب حيث بلغ منسوب الاحتقان السياسي والمذهبي حدّاً بات يهدّد الوطن ككيان، سيّما وأن الحريق المندلع في المنطقة بدأت شرارته تصل إلى أطراف الثوب اللبناني الذي يحتاج إلى رتي، وهذا الرتي لا يتم إلا من خلال جلوس القوى السياسية حول طاولة الحوار ومناقشة القضايا الخلافية على بساط أحمدي بعيداً عن سياسة النكد والتراشق الكلامي عبر الإعلام.

وتؤكد الأوساط ذاتها أنه من غير المنتظر أن تحلّ هيئة الحوار الجديدة كل المشاكل بين ليلة وضحاها، غير أنها ربما تنجح في وضع قطار الحل على سكته الصحيحة بحيث تتم مقاربة الملفات الخلافية من خلال ابتداع صيغ جديدة تكون صالحة للأخذ والردّ وتشكل عاملاً مساعداً في إيجاد الحل فيما لو كانت الظروف المحلية والإقليمية ملائمة لذلك.

وترى أن الرئيس برّي إختار بنود جدول الأعمال بعناية فائقة بحيث اختصره على المواضيع التي من الممكن معالجتها على المستوى الداخلي بما في ذلك الانتخابات الرئاسية في حال كان العامل الإقليمي والدولي مساعداً، وأبعد في نفس الوقت المواضيع ذات الأبعاد الخارجية وفي مقدمها السلاح الذي من المستحيل معالجته قبل حصول التسوية لمشاكل المنطقة برمّتها وهو سيبقى ملفاً خلافياً مفتوحاً إلى ذاك الحين.

من هنا فإن الأوساط السياسية تقدّر بأن يكون هذا الحوار منتجاً، حيث ليس بالضرورة أن يتم الإتفاق على كامل بنود الحوار خلال جلسات الحوار، غير أنه من الممكن أن توضع هذه البنود على سكة الحل بعد أن تكون هذه الجلسات قد أثمرت في تبريد الأجواء وخلق المناخات الملائمة التي تساعد في إيجاد الحلول المناسبة من خلال المؤسسات وليس الشارع، مع التأكيد بأن مجرّد جلوس أقطاب الحوار حول الطاولة سيبدأ منسوب الإحتقان والخطاب الحاد بالإنخفاض.