مبروكٌ عليكم حوارُكم الجديد. أو بالأحرى، شكراً لأستاذ المخارج الصعبة، في اللحظات الحرجة، الرئيس نبيه بري. فهل مِن أحد سواه يطبخ الطبخات التي تجمع المتناقضين والمتناقضات تحت سقفٍ واحد، وحول طاولةٍ واحدة؟

ولكن، من موقعنا كسلطة رابعة كما هو مفترض، نسألكم وننتظر منكم إيضاحاً:

بالله عليكم أن تشرحوا لنا، ما هو الحوار الذي أنتم في صدد الاستعداد له؟

في العام 2006، كانت ليالي التشاور والحوار عامرة في عين التينة، في غياب رئيس الجمهورية. وقد تمخَّضت الليالي فوَلَدت قرارات وتوصيات. من ترسيم الحدود مع سوريا، إلى مسائل السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وداخلها، إلى سلطة الدولة وقرارها على أراضيها والتزام القرارات الدولية...

ولكن، إسمع تفرحْ، جرِّب تحزنْ! وبقيت القرارات والتوصيات حبراً على ورق، وقال بعضُ المتحاورين للبعض الآخر:

خذها على الرحب والسعة.

بعد ذلك، جاء صاحب الفخامة الرئيس سليمان إلى بعبدا، فقال قائلون:

الآن، سيكون الحوار غير شكل. هيبة الرئيس تفرض التنفيذ. ولم تكن ليالي الأنس في بعبدا أفضل من ليالي السَّمَر في عين التينة.

إعلان بقي يتيماً في بعبدا. وبعض الذين وافقوا على الحياد عن مستحى لا عن إقتناع، أتحفوا الأرض ب الحياد ذهاباً وإياباً من الحرب في سوريا وإليها...

واليوم، مَن يتذكَّر إعلاناً جميلاً إسمه إعلان بعبدا، باركته الدول الغربية، وأثنت عليه حضارياً... لكنه بقي حبراً في أرض بعبدا... باكياً الرئيس والرئاسة؟

الأستاذ في اللحظة القاتلة سحب مادة سحرية إسمها الحوار. والأكثر سحريّة فيها هو البرنامج الحصري:

البحث في موضوع الرئاسة. والبحث في ماهية قانون الإنتخاب، وماهية قانون الجنسية... وما إلى ذلك. ولكن، لا بحث في مواضيع السلاح والحرب في سوريا ولا في ماهيتها. ليس الآن وقت وجع الرأس.

للتاريخ نقول:

حوارٌ... بأيةِ حالٍ عدتَ يا حوارُ...

يعود الحوارُ لينفِّس تظاهرات بدأها أصحابها، وأكملت مسارها مع سواهم... وها هي ذاهبة إلى آخرين وآخرين فآخرين...

بدأت مع طلوع ريحة النفايات... وبدأت تطلعُ منها ريحةُ تغيير النظام. وأصبحت منطقة الأسواق في بيروت أقرب إلى سوق عكاظ أو سوق بابل، حيث كلٌّ له لغته... فمن يَفهم على مَن؟

وحتى الجنرال ميشال عون الذي كان السبّاق في تحريك الشارع بالآلاف من الأنصار المتحمسين من الشباب والشابات من الجامعات والمعاهد يشكو اليوم من ان شباب المجتمع المدني سلبوا منه الشعارات. وللمرة الأولى نُسجِّل أنَّ أحداً حاول أن يسلب من الجنرال شيئاً ولم يستطع لأن العماد عون أكثر من حريص في الحفاظ على ممتلكاته المكتسبة.

العماد عون يتحرَّك تحت شعار الإنتخابات بتنضِّف، ويريد إنتخابات رئاسية بعد إنتخابات نيابية وفق النظام النسبي تؤمّن المناصفة الحقيقية، وإلاّ فإنتخابات رئاسية مباشرة من الشعب، ثم تأليف حكومة يسميها العماد عون إصلاحية.

ولكن حذار وتذكير للجميع:

الأرض لا تزال مليئة بالنفايات... كما الجو مليء بالتلوث فوق رؤوس الجميع!

ولتسألوا بعضكم بعضاً عن التلوُّث. ولتسألوا سوكلين المالكة سعيداً في الأرض والجو. فعند سوكلين... الخبر اليقين!