ما إن ركب ​حسين يوسف​ والد العسكري المخطوف لدى "داعش" محمد يوسف موجة الحراك المدني وعقد في مخيم الأهالي في ساحة رياض الصلح مؤتمراً صحافياً لمجموعة "بيكفي"، تحت شعار "تقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف والجمعيات والمجتمع المدني والسلطة للوصول الى حل كل المشاكل العالقة التي هي أساس وجع كل لبناني..." حتى ظهر بسرعة عدم تجاوب أهالي العسكريين معه، وإنزعاج بعضهم من إقحام قضية العسكريين المقدسة بحراكات وحركات ومجموعات مشبوهة قد تضر بالقضية الأساس، أي تحرير الرهائن، أكثر مما تنفع.

اللافت كيف أن الرد الأول على إقحام يوسف قضية العسكريين بالحراك، لم يأت من عائلة عسكري مخطوف، سبق لها أن تساجلت أو إختلفت معه على أمر ما. الرد جاء على لسان أقرب المقربين اليه، وشريكه في ملف المخطوفين لدى "داعش" لا "جبهة النصرة"، ألا وهو نظام مغيط، شقيق المعاون المخطوف ابراهيم مغيط. في البداية، كان تعليق مغيط على حراك يوسف، ناعماً وخفيفاً، تمنى عليه عدم خلط الملفات ببعضها البعض، "لأن ذلك لن يصبّ في مصلحة أي قضية". حاول يوسف أن يوضح بأن ما يقوم به هو "لإيصال قضية العسكريين الى بر الأمان، ولفرض الحلول المحقّة لكل الحراك وكشف من يريد هذه الحلول ومن يريد للبلاد الفوضى والسكاكين والتكسير والخراب"، غير أن هذا التوضيح لم يقنع مغيط على ما يبدو، الذي عاد ورد على يوسف بلهجة أكثر حزماً قائلاً "كان يجب أن تنسق مسبقاً مع الأهالي قبل القيام بأي تحرك من هذا النوع كي يبنى على الشيء مقتضاه، وبالنسبة الى البيان الذي تُلي من الإعتصام لحملة "بيكفي" قد يجوز تطبيقه في سويسرا أو أميركا أو في فرنسا، لأن في لبنان كل زعيم يصل الى السلطة إما بالوراثة وإما بالطائفية، لذلك أتمنى عليك ألا تأتي على ذكر ملف العسكريين في مثل هذه التحركات والحراكات".

إنزعاج أهالي العسكريين مما قام به يوسف، لم يقتصر على مغيط فقط، بل إنسحب أيضاً على أهالي ​العسكريين المخطوفين​ لدى "جبهة النصرة" الذين تتحدث أوساطهم عن إنزعاج عارم من إستقبال يوسف لهيئات ومجموعات من الحراك في مخيم رياض الصلح، والإدلاء بتصاريح من هناك تستفز الأهالي ولا تدعم بشكل أساس قضية المخطوفين. هذا الإنزعاج، فرض سلسلة إتصالات بين عائلات طالب ومشيك وذبيان وحمّص وتنسيقاً مع العائلات الأخرى، كما أدى الى فتح نقاشات عدة عبر مجموعات الواتساب التي يشارك فيها يوسف أيضاً. إتصالات ونقاشات، أفضت الى فرض أهالي المخطوفين لدى "النصرة" كلمةً لهم في الوقفة التضامنية التي تقام في الثامن والعشرين من أيلول الجاري في ساحة رياض الصلح، بدعوة من تجمع "صرخة ضمير"، وذلك بعدما أدرج في برنامج الكلمات الذي وزع، إسم يوسف كمتحدث سيلقي كلمة أهالي العسكريين.

اذاً أمام هذا الواقع المرير، لا يمكن إلا القول للحراك ومحركيه، أبعدوا قضية العسكريين المقدسة عن حراككم وحركاتكم، وأتركوا القيّمين على هذا الملف كي يقوموا بما يجب وبهدوء لتحرير العسكر من براثن المنظّمات الارهابيّة، هذا إذا كانت التنظيمات الإرهابية الخاطفة تريد حقاً تحريرهم، لا الإحتماء بهم كدروع بشرية في جرود ​عرسال​ المحتلة.