تحدّى أهالي القدس، الاحتلال الإسرائيلي, ورفعوا علم فلسطين على أسوار المدينة المقدّسة، وأحيوا صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، رغم الإجراءات القمعية وإقفال الطرقات المؤدية إلى القدس، وإغلاق معظم أبواب المسجد الأقصى، باستثناء ثلاثة منها «باب حطة، المجلس، والسلسلة» ومنع دخول من تقل أعمارهم عن الـ50 عاماً، والتي شدّدت في أسبوع «عيد المظلة - السكوت العبري».

وحوّلت قوات الاحتلال منذ ساعات الصباح الأولى المدينة المقدّسة إلى ثكنة عسكرية من خلال نشر قوات من الوحدات الخاصة، المخابرات، الشرطة، فرق الخيّالة وحرس الحدود، مع إقامة حواجز حديدية على أبواب الأقصى، مانعة دخول البلدة القديمة لمن تقل أعمارهم عن الـ40 عاماً.

هذا المنع قوبل بإصرار فلسطيني على أداء صلاة الجمعة، في الشوارع وعلى الإسفلت، حيث أُقيمت الصلوات في مناطق باب الأسباط، باب العمود، باب المغاربة، الساهرة، وحي وادي الجوز.

وبعد انتهاء صلاة الجمعة قمعت قوات الاحتلال المصلّين في منطقة الأسباط بإطلاق القنابل الصوتية والأعيرة المطاطية وغاز الفلفل، فيما اعتقلت شرطة الاحتلال شاباً في منطقة باب السلسلة، بدعوى إلقاء زجاجة حارقة.

وفي الضفة الغربية، احتشد الآلاف من المواطنين، وممثّلي المؤسسات الرسمية والوطنية مساء أمس في مقر الرئاسة الفلسطينية في مدينة رام الله مستقبلين الرئيس الفلسطيني ​محمود عباس​ بعد رفع العلم الفلسطيني في مقر «الأمم المتحدة».

ولوّح المستقبلون بالأعلام الفلسطينية، مشيدين بالرئيس «أبو مازن» والإنجاز التاريخي الذي تحقّق في أعلى منبر دولي.

وأكد الرئيس عباس «إننا سنطبّق كل ما قلناه وأعلنّاه أمام الجمعية العمومية في الأمم المتحدة».

وقال: «ما قلناه هناك نقوله هنا ونلتزم به، نحن ملتزمون بكل كلمة قلناها، لنعمل عليها، ونطبقها هنا».

وأضاف: «العلم ليس رمزاً فحسب، وإنما هو عنوان مجد، عنوان كرامة، عنوان تاريخ، عنوان حاضر، وعنوان مستقبل، ولذلك عندما نرفع علمنا فإنّ مجدنا وكرامتنا كلها ستكون مرتفعة في الأمم المتحدة وفي فلسطين».

وأكد «سنرفع العلم فوق رؤوسنا ومساجدنا وكنائسنا وقدسنا كما رفعتموه أمس الأول».

واستطرد الرئيس الفلسطيني قائلاً: «ونحن نرفع الأمم في حديقة الأمم المتحدة تذكرت الأطفال الشهداء، الذين استشهدوا وهم يرفعون العلم في أماكن عدة في الوطن، ولذلك نهدي هذا العلم لأرواح جميع هؤلاء الشهداء، ولن ننسى أسرانا في السجون 6 آلاف، وأولهم الأسرى الثلاثون لن ننساهم، هم على رأس القائمة، والتي إن شاءوا تطبيق الاتفاقيات فهي على رأس هذه الأولويات ... إن المستقبل لنا حتماً بإذن الله».

وسيطر على الضفة الغربية جو من القلق والحذر، جرّاء الحملة التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في أعقاب العملية التي استهدفت مستوطنين بالقرب من بيت فوريك - جنوب مدينة نابلس، تبيّن أنهما ضابط من هيئة الأركان يُدعى أيتام هينكين وزوجته نعامة، وقيام المستوطنين بمهاجمة منزل فلسطيني وإحراق سيارته في قرية بيتللو - شمالي الضفة الغربية.

وقد اتخذت سلطات الاحتلال من مقتل المستوطنين ذريعة للقيام بحملة مداهمات واعتقالات وجمع الأدلّة والإشارات بحثاً عن منفّذي عملية الهجوم على المستوطنين، حيث لم تُسفر المعطيات عن كشف خيوط المنفّذين وهو ما يُخشى من أن تطول الحملة استباحة الضفة الغربية بأكملها، كما جرى في حزيران عام 2014 بعد خطف المستوطنين الإسرائيليين الثلاثة في الضفة.

وتكثيف الاحتلال بنشر فرق من جيشه وجنوده لعمليات البحث والتمشيط، والدفع بأربعة ألوية من قوات المشاة للانتشار في الضفة الغربية، دليل على مدى الضغط الكبير من المسؤولين الإسرائيليين من أجل سرعة إلقاء القبض على المنفّذين.

وسُجّلت سلسلة مواجهات بين الشباب الفلسطيني وجنود الاحتلال الذين أطلقوا الرصاص المطاطي والقنابل الدخانية باتجاه الشباب الفلسطينيين، الذين قاموا برشق السيّارات بالحجارة والزجاجات الحارقة خاصة في محيط «مسجد بلال بن رباح» (قبة راحيل) عند المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم، ما أدّى إلى إصابة عدد من الفلسطينيين بحالات إغماء واختناق.

ولا ينفي مراقبون قلقهم لتطوّر الأمور في الضفة الغربية والقدس وارتفاع وتيرة التصعيد، فهل تكون مقدّمة لثورة شعبية؟.