في مقابل الإنبعاثات الكريهة الصاعدة من الجبال المتكوّنة للنفايات في لبنان، ينبعث دخان أبيض يبعث على الأمل والتفاؤل: المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم يلتقي بابا الفاتيكان فرنسيس. الخبر في الشكل عادي، فهو يقول:

استقبل البابا فرنسيس في الفاتيكان المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم يرافقه وفد من ضباط المديرية.

وبعد الاستقبال، عُقدت خلوة بين الحبر الأعظم واللواء ابراهيم استمرت عشر دقائق، تركّز البحث فيها على تطورات المنطقة عموماً والوضع المسيحي خصوصاً في ضوء التحديات الأخيرة، وأظهر البابا اهتماماً بالوضع اللبناني والمسيحي بشكل خاص في ما يتعلق برئاسة الجمهورية.

وقدّم اللواء ابراهيم الى البابا فرنسيس هدية هي ايقونة تعود الى القرن الثامن عشر.

***

لكن أبعد من الخَبَر المقتضب الذي هو أقرب الى البيان، فما الذي يدعو المرجع الكاثوليكي الأول في العالم الى استقبال مدير عام من لبنان؟

فالبابا فرنسيس مهّدَ طريق المصالحة بين الولايات المتحدة الأميركية وكوبا، وفي أدائه يقود ما يشبه ثورة نالت إعجاب حتى مِن قِبل الذين ابتعدوا عن الكنيسة أو حتى عن الأديان ككل، وهو منهمك بورشةٍ عالميّة تبدأ في الفاتيكان وتنتهي في أميركا اللاتينية، مروراً بأوروبا والشرق الأوسط وآسيا واوستراليا، فماذا سيكون له من كلام مشترك مع اللواء ابراهيم؟

***

لا يلتقي البابا فرنسيس أيّ طالب لقاء إلاّ بعد أن يدرس مع معاونيه أسباب اللقاء وظروفه وشخصية طالب اللقاء، وعلى هذا الأساس يتم تحديد الموعد، وبمجرد تحديد الموعد فهذا يعني انّ أمراً مهماً سيتضمنه.

بالتأكيد فإنّ البابا فرنسيس، مع معاونيه، إطلع على الدور الذي يضطلع به اللواء ابراهيم في القضايا والملفات التالية:

ملف الأسرى والمخطوفين في سوريا ولا سيما رجال الدين المسيحيين.

ملف الأسرى والمخطوفين الذين كانوا في رحلة حج والذي نجح اللواء ابراهيم في إطلاقهم.

ملف العسكريين المخطوفين في جرود عرسال.

ملف مكافحة الإرهاب، ويندرج في هذا الإطار توقيف الشيخ أحمد الأسير بالإضافة الى تفكيك عدد كبير من الخلايا الإرهابية.

***

بناء على كل ما تقدّم من إنجازات وملفات، فإنّ دوائر الفاتيكان رأت ضرورة في أن يلتقي البابا فرنسيس اللواء ابراهيم، كما ان نتائجها الإيجابية ستظهر تباعاً حتى ولو كانت تفاصيل هذه النتائج هي ملك دوائر الفاتيكان والأمن العام اللبناني.

***

في المحصّلة فإنّ اللواء ابراهيم لا بد أن يضطلع بدورٍ على المستوى اللبناني الوطني وعلى المستوى الديبلوماسي الخارجي، لأنه منذ تسلمه المديرية العامة للأمن العام أعطى لهذه المديرية بُعدها الوطني والخارجي، وبالتأكيد لو لم يكن لهذا الدور أهمية لما كان طلب لقاء البابا فرنسيس قد حدد موعداً له.