التدخل الروسي القوي على خط الأزمة السورية أصاب المملكة السعودية بالذعر. سبب هذا الذعر مفهوم جداً وقد رافق المملكة في محطات تاريخية عديدة. في زمن عبد الناصر والمد القومي، فزلزال الثورة الإسلامية في إيران، إلى احتلال صدام حسين للكويت، وصولاً إلى اللحظة الحالية التي يواجه فيها الأمراء القائمون على أمر المملكة حقائق مخيفة في المنطقة كلها لا يكفي معها أن تكون الولايات المتحدة الأميركية حامية الحمى ومصدر الرجاء والطمأنينة.

فشل خطط المملكة في سورية بعدما أغدقت المليارات على الإرهابيين لكي يسقطوا الدولة السورية، وغرق المملكة في الرمال اليمنية المتحركة في إطار العقلية البدوية، وتهافتها المستمر في الساحة اللبنانية، وخيباتها المتواصلة في البيئة العراقية، فتح الباب على مصراعيه أمام مخاوف جدية، فلا المعاهدات السياسية العسكرية ولا صفقات السلاح الكبيرة ولا وجود حلفاء دوليين وإقليميين يمكن أن يضمن ديمومة مملكة غير مؤهلة للبقاء بقواها الذاتية.

الدور السلبي الذي لعبته السعودية في بلدان المنطقة كلها جعلها تصل إلى هذه النتيجة التي ترى فيها الروس يقوّضون كل فسادها الذي أحدثته في سورية.

في مواجهة هذه الصورة الجديدة يجد حكام المملكة أنفسهم أمام مجموعة تحديات حقيقية أعظمها أن ترتدّ كلّ المخاطر التي كانت مفتوحة على بلدان أخرى، ومنها داخل المملكة ذاتها، بل إلى داخل الأسرة الحاكمة بكامل هيكلها، وهي التي شطّ بها الحقد إلى إجراء تفاهمات مع القيادات الصهيونية التي تبطش هذه الأيام بشعبنا الأبي في القدس والضفة.

لم تمانع العائلة المالكة في السعودية من تدمير سورية والعراق واليمن وتروّج زوراً لبعض مرتزقتها بأنها «خير أمة أخرجت للناس».

صحيح أنه ما زال من السابق لأوانه التكهّن بنتائج الغارات الروسية قبل مرور زمن كافٍ عليها، لكن من المؤكد أنها حجّمت قدرة السعودية وبعض الدول الداعمة للإرهابيين، مما لا بدّ أن يكون له انعكاساته على موازين القوى وصورة المنطقة في الآتي من الأيام، وبالتالي المتوقع أن تهتز الأرض من تحت أقدام النظام السعودي، ولعلّ فاجعة منى فتحت أعين الدول الإسلامية أكثر على الحالة الشاذة التي يشكلها هذا النظام على العرب والمسلمين.

ولو تصوّرنا المشهد الآتي: الاحتشاد الروسي في سورية ولاحقاً العراق، الضغط اليمني المتصاعد، الاهتزاز الداخلي المرعب، الضعف والتمزق داخل العائلة المالكة، تراجع اللاعبين الدوليين والإقليميين عن ضمان تشكيل سياج أمني وسياسي يحمي الكيان الحالي. فماذا ستكون الحصيلة غير مدخلٍ إلى انفجار كبير سيحرق الرمال المشبعة بالنفط والمؤامرات؟