بدون شك فان ما حصل في جلسة لجنة الاشغال النيابية يعكس ويعبر الى حد كبير عن التأزم السياسي والاحتقان الذي يسيطر على الوضع العام وعلاقة القوى السياسية المتخاصمة مع بعضها والتي وان جلست على طاولة الحوار فانها ما تلبث ان تعود الى قواعد الاشتباك بسرعة قياسية، لكن ما حصل ايضاً بغض النظر عن مسؤولية من افتعل الاشكال من جهة المستقبل او التيار الوطني الحر الا ان الواضح والمؤكد ان ما جرى في الاجتماع لا يخرج عن المسار السابق للجلسات الماضية مع اضافة التطور الذي وصل الى حد التشابك بالايدي والشتائم بين الطرفين، والواضح ايضاً كما تقول اوساط سياسية مطلعة ان تيار المستقبل تقصد التصويب على التيار الوطني واتهامه بالفساد لعدة اسباب، فبدون الغوص بالاسباب التقنية والقوانين التي طبقت او لم تطبق في وزارة الطاقة او الفساد والهدر الذي يتهم بها المستقبل وزراء الطاقة المحسوبون على التيار الوطني بارتكابها في الوزراة ومسؤولية الوضع الراهن للكهرباء كونهم تعاقبوا على الوزارة منذ العام 2009، فان المستقبل بحسب الاوساط استفاد من الحادث في اللجنة لضرب التيار في مصداقيته والايحاء للرأي العام بان التيار الوطني الحر الذي يقود الهجوم على الفساد منغمس فيه ايضاً، وفي الواقع فان المستقبل المنغمس في ازماته الداخلية وفي التحرك الذي ينظم في مناطقه السنية وفي عكار تحديداً على خلفية القرار بنقل نفايات بيروت اليها، قرر ان يخطو خطوة لاحراج خصمه السياسي الذي يحضر لتظاهرة شعبية حاشدة في 11 تشرين سيكون الفساد والتهميش المسيحي من عناوينها الرئيسية اضافة الى المطلب الاساسي المتمثل بالرئاسة الاولى وقانون الانتخابات، وبالتالي فان المستقبل يريد تفريغ التظاهرة من مضمونها ومحتواها وتوريط التيار ومحاولة استدراجه الى الشغب السياسي وبانه شريك في الفساد ايضاً.

فالواضح ان المستقبل تضيف الاوساط، الذي قاد معارك التمديد في قيادة الجيش والمجلس النيابي ومن خلال الانقلاب على تفاهمات معينة مع الرابية اتضح انها كانت غير جدية وللمناورة يحاول نقل المعركة الى مكان اكثر حساسية وضرب التيار بما هو متهم به، وترى الاوساط ان تيار المستقبل استطاع حتى الآن ان يكسب جولات كثيرة مع اخصامه ومع الرابية تحديداً التي ربح عليها الحريري جولة الانتخابات الرئاسية المعطلة منذ سنة ونصف ومن ثم جولة التمديد للأمنيين التي مرت بدعم وقرار اساسي من المستقبل لحجب قيادة الجيش عن عون، ولكن نتائج المعركة السياسية وفق الاوساط خسرت الحريري كثيراً من رصيده الشعبي لدى جماهيره الخاصة ولم تكسبه رضى واسعاً خصوصاً في الشارع السني ولدى فريق واسع من مسيحيي 14 آذار الذي بدا في ملف تلزيم المناقصات وصولاً الى مكب سرار في عكار، حيث كان ينقص الحريري كما تقول الاوساط وهو الذي تصل اليه اصوات الحرمان من اقاصي عكار بدون ان يبادر نوابه الى انقاذ الشارع والخزان السني المؤيد له ان يوافق او يؤيد سياسة الحكومة وقرارها بتصدير النفايات الى عكار مع رشوة حكومية بمئة مليون دولار لاستقبال نفايات بيروت وكأن عكار لا تكفيها مشاكلها ونسيانها من قبل الدولة التي لا تستفيق عليها إلا لتحويلها الى مكب للنفايات والتي لا يستخدمها المستقبل إلا لملء الساحات عندما تقتضي الحاجة وفي المواسم الانتخابية لرمي ورقة «زي ما هي» في صندوقة الاقتراع.

فالواضح ان نقمة مكب سرار لن تمر على خير بحسب الاوساط بعد التصعيد الذي تمارسه فعاليات المنطقة رغم الوساطات المستقبلية والتدخلات لتليين الموقف، والواضح ان المستقبل يعيش ازمة اخرى تتمثل بغيابه عن ساحة رياض الصلح وهو من اكثر التيارات السياسية احراجاً امام جمهوره ازاء تحرك الشارع، وهو يعيش الشيء ونقيضه، فالمستقبل متمسك ببقاء الحكومة والنظام ويتفرج على نبض الشارع يتحرك بدونه وهو يدعم هذه الحكومة التي لم تنصف الشارع السني وخصوصاً عكار كما لم تنصفها اصلاً حكومات السنيورة او الحريري نفسه، وفي غياب حلفائه المسيحيين ووقوفهم على الحياد في معارك اساسية لا يمكنهم ان يتورطوا فيها على حساب جمهورهم المسيحي. فالمستقبل يبدو وكأنه يواجه شعبه واهل بيته، فابناء عكار يشعرون بتهميش المستقبل له وعدم اكتراث القيادة لهم وتذكرهم في مواسم الانتخابات فقط، وثمة شرخ في العلاقة بين القاعدة والقيادات فالوزير نهاد المشنوق قمع التظاهرات وسجله اسود مستقبلياً مع فريق من الجمهور السني منذ ازمة الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية وحيث لم تنفع المحاولات في تبييض سجله معهم ووزير البيئة محمد المشنوق يبدو درعاً واقياً لأزمة النفايات وتراكماتها .عدا ذلك فان جمهور المستقبل الذي شغل الساحات وجله من الفقراء يتفرج في البيت على الآخرين يتظاهرون من اجل حقوقه ومآسيه الاجتماعية والسياسية مكتفياً بتظاهرات محدودة النطاق في عكار رفضاً للعروضات المالية والسياسية لاغراق عكار بالنفايات

بدون شك فان تحجيم عون هو ضرورة للمستقبل فوجهة نظر الاخير تعتبر ان عون بما يمثله من ثقل سياسي وشعبي في طائفته وعلى المساحة السياسية هو مصدر خطر فعلي على المستقبل وزعامته لأن احجام الطرفين تكاد تكون موازية كل واحد لدى فريقه وطائفته، وعليه فان مخاصمة عون تكسب المستقبل وفق حساباته للاسباب التالية، ان عون رئيساً للجمهورية ينهك المستقبل ولا يريحه في ساحته لأن عون رئيساً يعني انتصاراً للخط السياسي الذي يستمر عون في كنفه وبالتالي يعني ان حزب المقاومة وعون سيكونان متناغمين ومنسجمين في السياسة كما تناغما مع بعضهما ومنذ ورقة التفاهم التي حمتهما رغم كل الظروف.