رسالة أمنية "إسرائيلية" وصفها دبلوماسي "إسرائيلي" في واشنطن بـ"الهامة"، خرقت زخم عمليات المقاتلات الروسية ضد تنظيم "داعش" والميليشيات الإرهابية الأخرى في سورية المجتمعة تحت مسمى "جيش الفتح"، تطلب فيها تل أبيب من موسكو إيضاحاً حول ما جمعته أجهزة استخباراتها، والذي يشير إلى وصول أنظمة "أس إي 22" المتطورة إلى حزب الله، إضافة إلى أسلحة روسية نوعية أخرى، من ضمنها دبابات "تي 90". إلا أن اللافت في مضمون الرسالة، محاولة الحصول على جواب روسي جلي عما قصده رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الروسي؛ اليكسي بوشكوف، من إعلانه أن الغارات الجوية الروسية ستستمر من ثلاثة إلى أربعة أشهر، وما إذا كان هذا الإعلان يحمل في طياته تحديد مهلة الانتهاء من حسم المعركة في سورية، في وقت تقاطعت معلومات صحافية روسية مع ما كشفه موقع "يور نيوز واير"، ومفاده أن "إسرائيل" واكبت الدخول العسكري الروسي المباشر في سورية، بدفع خيرة من ضباطها الاستخباريين لتنسيق عالي المستوى مع قادة من تنظيم "داعش"، لترجمة "أمر ما" ينفّذه التنظيم، يشكّل خرقاً "استراتيجياً" للعمليات العسكرية الروسية، ويكون بمنزلة ضربة قاسمة لموسكو، ومن ورائها إيران وحزب الله.

محللون عسكريون توقّفوا أمام مشهد الإرباك والقلق الذي شمل المسؤولين السياسيين والأمنيين "الإسرائيليين" جراء الدخول العسكري الروسي المباشر إلى جانب القيادة السورية. صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية كانت الأبلغ في توصيف حالة "القلق الشديد" التي انتابت "إسرائيل" إزاء دخول روسيا بثقلها العسكري إلى سورية، عبر ترسانة عسكرية وصفتها بـ"الهائلة" وغير المسبوقة، حملت نخبة مقاتلاتها وبوارجها الحربية وعتادها البري النوعي إلى الميدان، معتبرة أن مجرد مرافقة رئيسي أركان الجيش؛ غادي آيزنكوت، وشعبة الاستخبارات؛ هرتسي هليفي، لبنيامين نتنياهو، الذي حطّ بشكل عاجل في موسكو، كفيل للدلالة إلى المخاوف "الإسرائيلية" الجمة التي باتت تُربك الدوائر الأمنية والسياسية على السواء في "إسرائيل". وإذ لفتت إلى أن الغارات الروسية الجارية تمهّد حتماً لعملية عسكرية برية واسعة النطاق في الشمال السوري، لن يكون حزب الله بعيداً عن المشاركة "الفعالة" فيها، اعتبرت الصحيفة أن نصر الأسد هو نصر إيران ونصرالله، متوقفة عند الرسالة "الأمنية" الإيرانية الهامة، وفق توصيفها، عبر زيارة قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني لموسكو في السابع من آب الماضي، والتي يبدو أنها أسست لمفاجآت ميدانية مقبلة ستفاجئ "إسرائيل" حصراً، خصوصاً أن روسيا دفعت - إضافة إلى فرَق نخبها الجوية وقوات الإنزال السريع - بفرق نخبوية يرجَّح مشاركتها ميدانياً في العمليات البرية المقبلة إلى جانب قوات الأسد وحزب الله، حسب إشارة الصحيفة.

وربطاً بالأمر، كشف موقع "يور نيوز واير" عن معلومات تقاطعت مع تقارير حصلت عليها وكالة "سبوتنيك" الروسية، تشير إلى اجتماعات سرية مكثفة بين ضباط استخباريين "إسرائيليين" وقادة من تنظيم "داعش"، وصفتهم بـ"الحلقة الضيقة" القريبة من البغدادي، دون تحديد مكان الاجتماعات، والهدف الإيعاز للتنظيم بتنفيذ "أمر ما" في سورية، التفافاً على العمليات الجوية الروسية الجارية بزخم. الموقع الذي كان كشف عبر تقرير نشره سابقاً - استناداً إلى ما اعتبرها وقائع وإثباتات دامغة وموثقة - عن اتصالات "منتظمة" بين أجهزة الاستخبارات "الإسرائيلية" وقادة تنظيم "داعش" منذ أيار 2013، مؤكداً تورّط "إسرائيل" بشكل كبير في ما يحدث داخل سورية، رجّح أن تعمد تل أبيب، من خلال "داعش"، وبالاتفاق مع الاستخبارات الأميركية، إلى تنفيذ ضربة "التفافية" صادمة لموسكو، والأهم، لإيران وحزب الله.

وعليه، أتى التسريب الروسي من قلب الكرملين عن طلب الرئيس فلاديمير بوتين من قواته إحضار أبي بكر البغدادي إلى روسيا حياً أو ميتاً، بمنزلة رسالة تحذيرية حملت سهاماً حادة "إلى من يعنيهم الأمر"، سبقته ومن نفس المكان معلومات تؤكد أن موسكو تأخذ بالحسبان كل الاحتمالات التي قد يُفضي اليها "حنق" واشنطن وتل أبيب لفرملة عملياتها العسكرية في سورية، كما أي إمكانية لخرق غرفة العمليات التي استحدثتها في بغداد، والتي تضم نخبة من المستشارين والخبراء العسكريين الروس والإيرانيين، ومن الجيشين السوري والعراقي، لتبادل المعلومات الاستخبارية، عبر أدواتهما المتعددة.

وعلى وقع تصريحات أكثر من مسؤول روسي أشارت إلى أن العمليات البرية المُزمعة في سورية ستُناط حصراً بالجيش السوري، ومساندة من مقاتلي حزب الله في بعض الجبهات، أُلحقت بمعلومات قادة عسكريين روس أكدوا أن تلك العمليات ستُدعم بدبابات متطورة وأسلحة حربية نوعية ستدخل الميدان لأول مرة، تحت غطاء المقاتلات الجوية الروسية، نقل مصدر أمني روسي عن الجنرال أندريه كارتابولوف؛ رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة الروسية، قوله إن "البارز الذي سيطبع المرحلة الميدانية المقبلة في سورية، سيتمثل بتغييرات جذرية وغير مُتوقَّعة على كامل الجغرافيا السورية، في غضون أشهر معدودة".