جو من التشاؤم سيطر ليل أمس، في أوساط التيار الوطني الحر، على مصير تسوية الترقيات الأمنية لترفيع العميد شامل روكز إلى رتبة لواء وتفعيل العملين الحكومي والنيابي. «يبدو أنها فرطت»، هذا ما أكّدته مصادر في التيار لـ «الأخبار»، رغم تأكيدات الوزير وائل أبو فاعور الذي يعمل على خط التسوية «أنه لا يزال هناك أمل في الأيام القليلة الباقية» قبل موعد تقاعد روكز منتصف هذا الشهر.

مصادر التيار قالت: «أصبحنا اليوم في مكان آخر. والعماد ميشال عون، بدءاً من الأسبوع المقبل، سيعتبر أنه قد تحرّر من هذا الأمر الذي بات عبئاً عليه، وكان أحد أسباب غيابه عن طاولة الحوار أمس». وشدّدت المصادر على أنه «لا عمل للحكومة بعد اليوم، والمعادلة باتت كالآتي: نفهم أننا لا نستطيع أن نفرض إجراء انتخابات نيابية، وفي المقابل على الفريق الآخر أن يفهم أنه لن يفرض علينا انتخابات رئاسية، والبلد ذاهب إلى التعطيل».

ورغم أن المسؤولية عن تعطيل التسوية تعود في المقام الأول إلى الرئيس السابق ميشال سليمان الذي نقل أكثر من زائر له أمس «استياءه من استثنائه من طاولة الحوار ومن عدم وضع الرئيس نبيه بري له في أجوائها، وهو بالتالي يعتبر نفسه غير معني بتسهيل أي حل يعمل عليه بري». إلا أن مصادر في التيار الوطني الحر سألت عن «سر القوة المستجدة» للرئيس السابق التي تمكّنه من معارضة اتفاق كل الأفرقاء السياسيين في البلد، غامزة من «دور ما» لتيار المستقبل في هذا السياق. كذلك سألت: «إذا لم يكن المستقبل واثقاً من قدرته على تمرير التسوية، فلماذا التزم بها أمام وفد حزب الله في حوار عين التينة؟». ولفتت إلى قول رئيس الحكومة تمام سلام، بما يمثّل، في حوار ساحة النجمة أمس: «لا أستطيع السير في أي قرار في مجلس الوزراء إذا لم يكن هناك اتفاق عام بين كل مكوّناته».

مصادر بارزة في تيار المستقبل أكّدت لـ «الأخبار» أن التسوية باتت «في حكم الفارطة»، نافية أي مسؤولية للتيار عن هذه النتيجة، وأي توزيع للأدوار بينه وبين سليمان. ولفتت المصادر، أيضاً، إلى أن قائد الجيش العماد جان قهوجي «مش حبتين لا محلياً ولا خارجياً، وهو شريك أساسي في القرار». وفيما أكدت أن التيار لم يكن يناور في موقفه من تسوية الترقيات، أشارت إلى أنه «لا تنبغي الاستهانة بالمعارضين الذين يضمون قائد الجيش والرئيس السابق».

وأشارت المصادر إلى عقبات ثلاث تحول دون تمرير التسوية في الحكومة:

الأولى، تتعلق بعملية التصويت من ضمن آلية العمل الحكومي التي يجري التسويق لها وتقوم على أساس تجميد أي قرار لا يحظى بموافقة مكوّنين من مكوّنات الحكومة، فكيف يمكن في هذه الحال تجاوز اعتراض حزب الكتائب وسليمان الذي له في المجلس حصة من ثلاثة وزراء، سواء أعجب ذلك البعض أو لم يعجبهم، إضافة إلى مكوّن المسيحيين المستقلين.

الثانية، عدم إمكانية تجاوز الموقف الرافض لوزير الدفاع سمير مقبل، بحسب الفقرة 4 من المادة 42 من قانون الدفاع التي تنص على ضرورة حصول ترفيع روكز على تواقيع رئيسي الجمهورية والحكومة ووزيري المال والدفاع. وبالتالي، «إذا لم يكن الوزير المعني موافقاً، فكيف يمكن تمرير قرار كهذا؟».

الثالثة، هي الصراع على العضوين الكاثوليكي والأرثوذكسي في المجلس العسكري. وفيما هناك شبه إجماع بين أرثوذكس 8 و14 آذار على اسم الضابط الأرثوذكسي (المفتش العام في المجلس العسكري)، يريد عون أن يكون العضو الكاثوليكي من حصته، ويطرح لهذه الغاية اسم ضابط لا يحظى بقبول قهوجي، خصوصاً أن العضو الكاثوليكي في المجلس هو الوحيد لا مهمة محددة له، وعمله، عرفاً، أشبه ما يكون بمساعد لقائد الجيش.

المصادر نفسها أعربت عن تشاؤمها في الآتي من الأيام وعن خشيتها «لأن الاضطراب السياسي لا يمكن ترجمته إلا باضطراب أمني في بلد على حدوده حرائق كبرى».