إنعكست الهبّة الشعبية الفلسطينية سلباً على الكيان الإسرائيلي بتعميق مأزقه، ما بات يهدّد حكومة اليمين المتطرّف بقيادة بنيامين نتنياهو، خاصة بعد قراره منع وصول وزراء الحكومة وأعضاء الكنيست إلى المسجد الأقصى، والذي جاء بعد الزيارات الاستفزازية التي قاموا بها مع المستوطنين، ما رفع وتيرة المواجهات بين المرابطين داخل المسجد الأقصى والفلسطينيين من جهة، وجنود وشرطة الاحتلال والمستوطنين من جهة أخرى.

وواجه قرار نتنياهو انقساماً في أوساط الكنيست، حيث اعتبر وزير الزراعة الإسرائيلي أوري إرائيل - وهو أحد الذين كانوا يتقدّمون استباحة المستوطنين الصهاينة لباحات المسجد الأقصى - أنّ «هذا القرار غير مقبول، وليس عملياً منع اليهود من الوصول إلى المسجد الأقصى، فكيف يتم منع عضو الكنيست أو الوزير».

وسارع نتنياهو إلى توضيح تصريحه بعد مطالبة أعضاء من اليمين الإسرائيلي بأنْ يشمل المنع أيضاً أعضاء الكنيست العرب، بأنّ «القرار يشمل كافة أعضاء الكنيست، بمَنْ فيهم العرب».

لكن صدرت تصريحات عن أعضاء الكنيست العرب: أيمن عودة، باسل غطاس، أحمد الطيبي وجمال زحالقة، برفض القرار، مؤكدين «أنّ نتنياهو لا يقرّر لهم متى يزورون المسجد الأقصى».

وقطعت قوّات الاحتلال يوم أمس طريق عضو الكنيست زحالقة ومنعته من دخول المسجد الأقصى تنفيذا لأوامر نتنياهو.

وقال زحالقة خلال مشادة كلامية مع جنود الاحتلال: «حضرتُ إلى هنا للتظاهر ضد المجانين الذين يريدون إشعال المدينة».

من جانبه، اعتبر زعيم المعارضة يتسحاق هيرتسوغ أنّ قرار نتنياهو بمنع وصول اليهود إلى المسجد الأقصى «قرار صائب، وإنْ جاء متأخّراً».

وكان هيرتسوغ وعضو الكنيست تسيبي ليفي قد زارا يوم أمس البلدة القديمة من القدس، ولكن طلبت شرطة الاحتلال منه أنْ يستقل سيارة محصّنة ضد الرصاص، خلال توجّهه إلى منطقة تنفيذ عملية الطعن التي جرت في القدس منذ أيام.

وحث هرتسوغ على ضرورة فرض «طوق أمني» شامل على الضفة الغربية المحتلة حتى يمر ما أسماه بـ«الغضب الفلسطيني».

ودعا نائب وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي «إلي بن دهان» خلال جولة في موقع تنفيذ عملية الطعن التي وقعت أمس الخميس في وسط تل أبيب «الإسرائيليين الذين يحملون سلاحاً مرخصاً إلى حمله وعدم الخروج إلى الشارع دونه».

وطالب أمين سر اللجنة التنفيذية لـ«منظّمة التحرير الفلسطينية» الدكتور صائب عريقات بـ«ضرورة تحرّك الأمم المتحدة بشكل عاجل من أجل توفير الحماية الدولية لأبناء شعبنا المدنيين العُزّل، في ظل التصريحات والدعوات العلنية إلى التحريض على قتل أبناء الشعب الفلسطيني وتصفية قضيتهم».

وفي رصد لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، خلال شهر أيلول 2015، يتّضح أنّ قوّات الاحتلال دنّست الأقصى 70 مرّة، وأقدمت على إغلاق الحرم الإبراهيمي في الخليل 10 مرّات، وهي نسبة مرتفع جداً.

وفي إطار تشديد الإجراءات الأمنية في المدينة المقدّسة، قرّرت شرطة الاحتلال نصب كاشف للمعادن في بعض أبواب البلدة القديمة.

وعُلِمَ بأنّ شرطة الاحتلال تتّجه إلى إنشاء قسم عربي في وحدة الفضاء الإلكتروني (السايبر)، المكلّف متابعة الشبكات الاجتماعية لاكتشاف بيانات قد تدل على نيّة كاتبيها القيام بهجومات على خلفيات قومية.

وفي وقت تسيطر حالة من الهلع على جنود الاحتلال، ارتفعت وتيرة المواجهات مع الشبّان الفلسطينيين، حيث أُصيب أحد جنود الاحتلال بالحجارة - شرقي بيت لحم.

وتواصلت العمليات الفدائية الفلسطينية بالسلاح الأبيض لتتوسّع رقعتها، حيث نفّذ شاب فلسطيني عملية جديدة في جادة مناحيم بيغن - قرب مقر هيئة الأركان العامة الإسرائيلية «هكرياه» في تل أبيب أصاب خلالها 4 إسرائيليين.

وطعن الشاب الفلسطيني مجنّدة بـ«مفك» وأصابها بجراح وخطف سلاحها وتوجّه نحو برج «عزرائيل» الشهير في تل أبيب، فيما كان يوجّه طعنات أخرى للمارة، فأصاب 3 إسرائيليين آخرين قبل أنْ تتمكّن الشرطة من إطلاق النار عليه، ما أدّى إلى استشهاده.

وذُكِرَ أنّ منفّذ عملية الطعن هو صبحي ابراهيم أبو خليفة (15 عاماً) من مخيّم شعفاط في القدس ويحمل هوية زرقاء «إسرائيلية».

واندلعت عصر أمس اشتباكات مسلّحة ومواجهات في مخيّم شعفاط، بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال خلال محاولتها اقتحام منزل الشاب أبو خليفة، حيث استشهد شاب فلسطيني وجرح العشرات خلال المواجهات، بينهم إصابات بالرصاص الحي وبعضهم بالأعيرة المطاطية.

كما أقدم شاب فلسطيني على طعن مستوطن بالقرب من مقر الشرطة العام المجاور لمحطة القطار الخفيف في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية.

وطعن الشاب الفلسطيني المستوطن البالغ 20 عاماً من العمر بسكين، ما أدّى إلى إصابته بجروح وُصِفَتْ بالخطيرة جداً، وتدخّل جنود الاحتلال من أجل إنقاذ جندي.

كذلك نجح شاب فلسطيني بطعن مستوطن في العشرين من عمره، على البوابة الغربية لمستوطنة «كريات أربع» القائمة على أراضي مدينة الخليل المحتلة، فأُصيب المستوطن بجراح خطيرة، فيما نجح الشاب الفلسطيني بالفرار.

وعنفت حدّة الاشتباكات التي دارت بين قوات الاحتلال والشبان الفلسطينيين في مدينة البيره في الضفة الغربية.

وقد أُصيب العشرات من الفلسطينيين بجراح جرّاء إطلاق جنود الاحتلال الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع.

كما اعتدى مستوطنون أمس على وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في «حكومة الوفاق الوطني» الدكتور علام موسى، وهو في طريقه إلى منزله قرب نابلس، فأُصيب بجروح بعدما عمدوا إلى تحطيم سيارته.

وشجبت الحكومة الفلسطينية إقدام عصابات المستوطنين بالاعتداء على وزير الاتصالات.

ودفعت عمليات الطعن الاربع أمس، نتنياهو الى عقد مؤتمر صحافي مساء أمس، محاولاً التقليل من وطأة الهلع الذي أصاب جنوده والمستوطنين اليهود حيث اعتبر ان «بلاده تتعرض الى «موجة من الارهاب» معظمها غير منظم انما يشجعها ،كما قال، التحريض على الكراهية من جانب السلطة الفلسطينية وحركة حماس وبعض دول المنطقة».

وإذ حاول نتانياهو طمأنة المحتلين عبر التعهد بـ «الحزم في مواجهة العنف لكنه اقر في الوقت ذاته بعدم وجود حل سحري لمحاربته».

وقال: «نحن نواجه موجة ارهاب مكونة من هجمات بالسكين وقنابل مولوتوف ورشقات الحجارة واطلاق النيران. هذه الاعمال، غير المنظمة بمعظمها، نتيجة للتحريض الجامح على الكراهية (...) من قبل حماس والسلطة الفلسطينية وعدد من الدول المجاورة، وكذلك من الحركة الاسلامية في اسرائيل». واكد انه امام هذه الظاهرة «لا يمكن التحرك فورا بالاستعانة بحل سحري (...) بل باعتماد رد منهجي وحازم، وسنثبت ان الارهاب غير مجد».