كثرت التكهنات في الايام الماضية حول مصير "تسوية" سياسية جرى العمل عليها طويلا بين اطراف القرار في ​لبنان​. كانت "التسوية" تقضي بأبرز بنودها ترقية ثلاثة عمداء الى رتبة لواء وعلى رأسهم قائد فوج المغاوير العميد ​شامل روكز​، الامر الذي سيعيد تشغيل العجلة الحكومية، كذلك تفعيل عمل مجلس النواب، ولكن الخاتمة السعيدة لم تُكتب بعد، ويبدو أنها لن تُكتب حسب مصادر سياسية مطلعة.

يشير مصدر سياسي لـ"النشرة" الى ان "التسوية" باتت في موت سريري اليوم، ويمكن القول أيضا أنها بحاجة الى "معجزة" لتستيقظ مجددا، فرئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب ​وليد جنبلاط​ عملا جاهدين على إنجاحها، ولكن "كلما رضي فلان بها، عارضها آخر". ويضيف: "في لبنان لم يعد المنطق موجودا، وبالتالي فلا تسير الامور حسب المنطق، وملف النفايات خير دليل على ذلك، فكيف اذا في السياسة".

وتكشف مصادر سياسية لـ"النشرة" أن آخر من بقي معارضا للتسوية المقترحة، بعد موافقة وزراء "14 آذار" المسيحيين عليها، هو وزير الدفاع ​سمير مقبل​، أي أحد وزراء حصة رئيس الجمهورية السابق ​ميشال سليمان​، الذي لم يعد له أي وجود سياسي سوى عبر وزرائه الثلاثة في الحكومة الحالية. وتقول المصادر: "منذ البداية تعامل فريق 14 اذار مع التسوية على انها فرصة ومناورة لإضاعة الوقت، ومحاولة إشغال رئيس تكتل التغيير والاصلاح ميشال عون، فتبادلت أطراف هذا الفريق الادوار، فوافقت على التسوية حينا وعارضتها حينا آخر، وحتى ضمن الفريق الواحد كان يحصل تباينات بالاراء كما حصل داخل تيار المستقبل، مما أضاع بضعة أيام بشكل مدروس، فالكل يعلم ان التسوية لن تكون نافعة ان وصل تاريخ 15 تشرين الاول الجاري، أي موعد احالة قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز الى التقاعد، ولم يُبتّ أمرها".

إذا، لم يكن الهدف أصلا إعطاء الجنرال عون انتصارا بقضية العميد روكز، تقول المصادر، فالتركيز كله على ضرب عون وليس العكس. وتضيف: "وجد سليمان بما يجري فرصة مناسبة لـ"الحرتقة" و"لعرض عضلاته" للأخذ بثأره الذي يعود الى أيام رفض التمديد له، لذلك تصدى للقضية ووافق على الظهور بمظهر المعارض الاخير للتسوية، ليوحي أيضاً بأن وجوده في الحياة السياسية اللبنانية لم ينته، وبأنه لا يزال قادرًا على المساهمة في رسم التسويات وعرقلتها، متذرعا بأنه لا يمكن تجاوز "الاقدميّة" داخل المؤسسة العسكرية".

إن كل ما سبق يوحي بأن مرحلة الحديث عن التسوية انتهى، والحديث في المرحلة المقبلة سيكون حول مصير الحكومة. وهنا تشير المصادر الى ان ​طاولة الحوار​ قدمت الدعم الكامل لرئيس الحكومة ​تمام سلام​، وخاصة بما يتعلق بملف النفايات وخطة الوزير أكرم شهيب، ولكن "تريث" سلام ما زال مستمرا لأسباب "غامضة"، مشبهة الحالة "بالصياد الذي يملك القليل من الوقت لإطلاق رصاصته، لأنه إن انتظر طويلا لن يصيب، وهذا أمر يعرفه الصيادون جيدًا"، مستبعدة في السياق نفسه استقالة الحكومة بسبب تمسك كافة الاطراف بها، ولو انها ترى بمكان ما أن الامور ستصبح أسهل لو أصبحت الحكومة بمرحلة تصريف الاعمال.

إزاء ما جرى وما قد يجري، يكون السؤال في المرحلة المقبلة هو هل سيحضر وزراء "حركة أمل" جلسات الحكومة إن قرر "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" مقاطعتها كما حصل سابقا؟ هنا ترى المصادر أن الحلف القوي بين بري و"حزب الله" يعني وقوف الاول الى جانب الحزب دون ان "يعاكسه"، وبالتالي فالامور حسب المصادر متجهة نحو أزمة سياسية حادة.