سيكون جمهور "التيار الوطني الحر" مرة جديدة وحيدا في الساحات وبالتحديد على طريق القصر الجمهوري في بعبدا يوم غد الأحد، من دون حلفائه المسيحيين والمسلمين على حد سواء. لا يكترث التيار كثيرًا لمشاركتهم بعدما اختبر شارعه في وسط بيروت في التظاهرة الأخيرة وجاءت النتيجة أفضل من التوقعات. سيعيد الاختبار للمرّة الثانية بعد أسابيع قليلة على الامتحان الأول في موقع ذات رمزية كبيرة، الا انّه يدرك تماما ان هناك خطوطاً حمراء لا يمكن تخطيها... حيث، سيلتزم بتعليمات الحرس الجمهوري لجهة آخر نقطة يمكن تجاوزها وسَيُلْزِم مناصريه بضبط النفس كونه لا يزال مقتنعًا بأن زمن التصعيد الأكبر لم يحن بعد.

عند اعلان رئيس التيار الوزير ​جبران باسيل​ قبل أقل من شهر موعد وموقع التظاهرة، بدأت حسابات الأخصام وتكهناتهم مع رسم أكثر من طرف سيناريو مشاركة الآلاف من أنصار "حزب الله" بالتحرك الى جانب أنصار رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون ما قد يؤدي الى اختراق باحات بعبدا والوصول الى القصر بانقلاب أبيض يفرض عون رئيسا. سيناريو لا يعيره لا التيار ولا الحزب أي اهتمام لاقتناعهما بعدم جدواه وبقربه من الخيال العلمي.

وتقول مصادر مقربة من الفريقين ان "حزب الله" أصلاً لم يشارك في التظاهرات العونية السابقة ولن يشارك في تظاهرة الغد نزولا عند رغبة الجنرال ولمصلحته، باعتبار ان أيّ مشاركة وايا كان حجمها سترتدّ سلبا على التيار لجهة اتهامه بعدم القدرة على الحشد والاستعانة بالجماهير الشيعية.

وبالرغم من الاحتقان الذي يعيشه الشارع البرتقالي خاصة مع سقوط ترقية العميد شامل روكز بقرار يعتبره العونيون "حاقدًا"، الا انّهم سيسعون لاستيعاب هذه الصفعة أيضا لاقتناعهم بأن الطريق الى رئاسة الجمهورية ستكبدهم المزيد من الخيبات والخسائر وستأتيهم بالمزيد من الصفعات. وتشير المصادر في هذا الاطار الى أنّه وبالرغم من انفجار الخلاف بين التيار و"تيار المستقبل" مؤخرا وبالتحديد خلال جلسة لجنة الأشغال النيابية، الا ان عون وباسيل يسعيان للحفاظ على حد أدنى من العلاقة مع التيار الأزرق لحسابات رئاسية مستمرة.

وقد تبدو اليوم علاقة "المستقبل–حزب الله" بالشكل أفضل مما هي علاقة المستقبل–التيار، فالخصمان اللدودان حريصان أكثر من أي وقت مضى على استمرار جلسات الحوار الثنائية بينهما بالرغم من تلاقيهما على جلسة الحوار الوطني. وتَعْزو المصادر هذا الحرص الى 3 أسباب رئيسية، أولا نجاح هذا الحوار بفرض استقرار أمني ملحوظ ومستمر، ثانيا، قدرته على تنفيس الاحتقان السني–الشيعي الذي تشهده المنطقة وخاصة السعودي–الايراني، وثالثا، لاقتناعهما بأنّهما وفي حال قررا استبدال هذا الحوار بالحوار الوطني لن يتمكنا من استعادته في حال فرط عقد ​طاولة الحوار​ الوطني، وهو سيناريو مطروح بقوة مع تفاقم الخلافات وعجز الفرقاء عن تحقيق أي خرق يُذكر في جدار الأزمات المتداخلة.

وحتى تبلور الأمور على الساحة السورية، سيحرص "حزب الله" على ممارسة جهود مضاعفة لفرض التهدئة والحوار كعنصرين أساسين لادارة المرحلة المرجح ان تستمر ما بين 6 و8 أسابيع على ان يكون هناك معطيات جديدة قبل رأس السنة.