يبدو جلياً أن دخول روسيا خطّ الحرب المباشرة على «داعش» فتح ثقوباً في صندوق أسرار ظهور أبو بكر البغدادي… الصندوق الذي بقي مغلقاً أو هكذا ظنّ من يعتقدون أن هذه الأسرار ستبقى عصية وبمأمنٍ عن فضحها. فهل يبدو أن الولايات المتحدة تمادت كثيراً فكان ذلك حافزاً لخصمها الدولي ليدخل ميدان الصراع مباشرة ويفجّر مفاجأة إعادة التوازن وتغيير الكثير من الحسابات في المنطقة والعالم؟ أم هي بداية فشل المشروع الأميركي في سورية والعراق وفشل الإرهاب بمحاولة تصفية البغدادي وإغلاق صندوق الأسرار؟

مَن يراقب السعار الأطلسي والخليجي تجاه روسيا يتأكد كل يوم من مدى الإحراج الذي وضعه «أبو علي» بوتين أمام العم سام ـ أوباما وحلفائه، وكم هو هذا المشرق مرهق وضحية لعدم صدقية السياسة الأميركية. فلا هي جادة في محاربة «داعش» و«النصرة»، ولا هي نجحت في إيجاد ما تقول إنه «المعارضة المعتدلة» التي كلّفت أميركا 500 مليون دولار لتدريب 3 آلاف مقاتل في هذا العام، لم يبقَ منهم سوى خمسة أشخاص، كما صرح الجنرال لويد أوستن للكونغرس. لقد تلقوا التدريب والرواتب ثم هربوا نحو «النصرة».

تبدو أميركا اليوم وكأنها الوحيدة التي ليست لديها خطة. وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لمّح إلى أن لا شيء اسمه الجيش الحر أو معارضة معتدلة تقاتل على الأرض في سورية، وتوجه روسيا دعوة مفتوحة للجيش الحر للتفاوض مع موسكو، إذا كان له وجود حقاً، والرئيس بوتين تساءل سابقاً من أين جاء «داعش»؟ لقد جاء من المجهول أليس ذلك غريباً؟ بل ومن أين جاء البغدادي الذي تتضارب الأنباء حول مقتله؟

سيّدة العالم تفكّر الآن: هل محور الشر هو «داعش» أم روسيا أم إيران؟

يبدو أن السياسة الأميركية أمام مفترق طرق، فمقتل البغدادي أصبح مقتلاً لأميركا، لا فائدة أميركية تُرجى من قطع رأس البغدادي بسيف القيصر الروسي. إن هذا سيعني أن روسيا قادرة على تحقيق الأمان في المنطقة، بعد أن عبثت بها الولايات المتحدة. أي أنه سيكون إعلاناً قوياً لدولة روسية قادرة على الوفاء بتعهداتها في الشرق الأوسط.

الشرق مرهَق من حرق الجثث الذي خلفه عدم صدقية السياسة الأميركية. فلا هي جادة في التصدي للإرهاب، ولا هي جادة في بناء الديمقراطية في المنطقة… وها هو البيت الأبيض الطرف الوحيد الذي يعترف بفشل استراتيجيته في المنطقة.