الاحد 11 تشرين الاول، إنفضَّت الإحتفالات، عاد الجميع الى منازلهم، لكن النفايات بقيت في الشوارع وعلى الارصفة، تملأ الانوف بالروائح الكريهة وتُحدث البعوض الآتية منها أبرز مسببات الأوبئة ولا سيما الكوليرا وغيرها.

عاد الجميع الى منازلهم ليجدوا ان التيار الكهربائي يوفره المولِّد الخاص وان المياه الموجودة يوفرها الصهريج.

عادوا ليجدوا ان البنى التحتية ما زالت غير متوافرة.

انه البلد كما هو: كلامٌ كبير وخدمات معدومة، وتهويل بالمحاسبة لكن لا مَن يُحاسِب.

***

إذا كانت هناك من نية للمحاسبة، فألف باء هذه المحاسبة يجب ان يبدأ بتكوين بنك معلومات يوجِّه بنك الاهداف التي يجب ان تتوجه اليها التحركات، وما لم يحصل هذا الأمر فإن التحركات ستبقى خبط عشواء ولن توصل الى أي نتيجة ملموسة.

هل يملك الاحتجاجيون بنك معلومات أو داتا تقودهم عمليا الى بنك الاهداف؟

ماذا يعرفون عن معضلة الكهرباء؟

هل يعرفون مثلا ان الدين العام في لبنان لامس السبعين مليار دولار وان نصفه أو أقل بقليل سببه الكهرباء؟ من معامل لا تعمل الى اسعار باهظة للفيول الى عقود لا تُنفذ؟ أين الاحتجاجيون من هذه المليارات؟ ان الهدر الكهربائي لا يقل عن الثلاثين مليار دولار فلماذا يبقى الهدف الشغب في وسط بيروت للاجهاز على ما تبقى من معالم أمل؟

***

هل سأل الاحتجاجيون لماذا الكهرباء في لبنان هي الأعلى كلفة والأقل خدمة؟

هل يعرف الاحتجاجيون ان مافيات المولِّدات يأخذون كهرباء الدولة ويبيعونها للمشتركين على انها من المولِّدات؟ أليست هذه فضيحة تستحق المتابعة؟ ثم أين أصبحت العدادات الذكية التي قيل ان من شأن تركيبها ان يقطع الطريق على كل هذا الهدر والفساد والإفساد؟

هل مَن يذكُر انه منذ عشرين عاماً كانت بيروت تتغذى بالتيار الكهربائي أربعاً وعشرين ساعة على أربعة وعشرين، ولهذا مُنعت المولدات الخاصة في العاصمة، هذا الانجاز كان على ايام احدى حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري فأين نحن من هذا الانجاز اليوم؟

***

الكهرباء، وللاسف الشديد، هي علة العلل، وأزمة قديمة - جديدة، ولا علاج لها في المدى المنظور، ولكن ماذا عن أزمة النفايات التي كادت ان تتحوّل الى معضلة؟

النفايات عالقة في منتصف طريق الأزمة ولا معالجة في الافق الا بعمليات قيصرية، ولنكن صريحين وواضحين: إذا لم تؤمن القوى السياسية والحزبية، المعنية، الغطاء السياسي لخطة الوزير شهيب، فإن هذه الخطة ستترنَّح وستعود الازمة الى النقطة الصفر. العقدتان حتى الساعة ان المطمرين في الشمال والبقاع يواجهان اعتراضات، البعض يقول إنها مسيسة، وعليه فإذا لم يُرفع الغطاء السياسي عن المعترضين فإن الازمة تكون تراوح مكانها، فهل هذا هو المطلوب؟

***

للخروج من هذه الدوامة فإن رئيس الحكومة مطالَب بأن يدعو الى جلسة لمجلس الوزراء ليضع الجميع أمام مسؤولياتهم وليظهر صدقية الجميع أو بالأحرى لا صدقيتهم.