إذا ما أراد المعلِّقون والمتابعون والمحللون إيجاد وصف للوضع الذي يمرّ فيه العالم، وبينه لبنان، لكان الوصف هو وضعٌ غير مسبوق. فلا العالم شهد هذه الموجة من الإرهاب التي تمتد على مختلف القارات، ولا لبنان شهد قبل اليوم هذه الحال من الضياع لدى سياسييه ولدى سلطته التنفيذية.

***

وضعٌ غير مسبوق:

مَن كان يتوقع ان تضرب بلجيكا هذه الموجة من الإرهاب؟ وان تُقفل المدارس فيها والجامعات، وأن تتحوَّل بروكسيل الى عاصمة أشباح؟

مَن كان يتوقع ان يصل التفتيش في الملاعب في اسبانيا الى حد تفتيش أكياس المأكولات؟ وهذا ما حدث في المباراة التاريخية بين ريال مدريد وبرشلونة؟

مَن كان يتوقع ان يضرب الإرهاب في آن واحد: فرنسا وبلجيكا ولبنان ومالي، ويهدد سائر البلدان والعواصم، وأخيرا، ويبدو أنه ليس آخرا، وصل الى اليابان حيث وقع انفجارٌ في أحد المعابد.

حتى الفنادق بدأت تتعرَّض لبرمجيات خبيثة تؤدي الى سرقة بيانات النزلاء، ومن يدري فقد تُستخدم هذه البيانات لأغراض امنية في أوقات لاحقة، ومن قبل الإرهابيين أيضا.

***

انه الإرهاب العابر للقارات، وحياله فنحن في لبنان ماذا فعلنا للاحتماء منه؟ وماذا نفعل لمواجهته؟

الله الحامي والاجهزة الأمنية الساهرة، هكذا يقول كثيرون منَّا، ولولا لطف الله لكنا في وضع أسوأ بكثير، وهذا ما يقوله كثيرون منّا ايضا. الأمن ليس كالسياسة، في السياسة يمكن الاجتهاد وربما التقصير، كما هي حال حكومتنا، ولكن في الأمن الخطأ ممنوع والخطأ هنا يتناول ايضا ما يتم تداوله من معلومات قد لا تكون دقيقة وقد لا تكون صحيحة، فلماذا تعمُّد الترويج لها في هذه الحال؟ ولخدمة مَن؟ وفي خدمة مَن؟

تمّ التداول بأن انتحاريا سيستهدف أحد المجمَّعات التجارية، فلماذا هذا الترويج؟ وأين حس المسؤولية في هذا الترويج؟ وماذا ينفع احداث بلبلة بين الناس؟ هل لأن البلد يتوقع اعيادا واعدة في نهاية السنة؟

أكثر من ذلك، ما الحكمة من الترويج ان داعش سيستهدف احدى الجامعات، ليتبيَّن ان الخبر غير صحيح؟ ان المواجهة لا تكون بالترويج للأخبار المقلقة بل بتفادي هذا النوع من الترويج، الم يكن من الافضل لو انه جرى تعقُّب مطلقي اشاعات استهداف احدى الجامعات بدلا من الترويج لها؟

***

اذا لم تكن الاجراءات موجودة ومتوافرة، فأين الحسّ الوطني؟ كثيرون من اللبنانيين المغتربين في أوروبا سيمضون الاعياد في لبنان بسبب الحد الادنى من الاستقرار، مقارنة بالأوضاع غير المستقرة في اوروبا، فهل هكذا نوفّر لهم الحد الادنى من الاجواء ليُعيّدوا بيننا؟

لم تعد المسألة مسألة اجراءات، بل ضمير وطني يتطلع الى المصلحة الوطنية قبل أي شيء آخر.