الصخب الإعلامي الذي رافق «اللقاء الباريسي» بين الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية. الصخب والضجيج حركا الرتابة في الحياة السياسية التي اقتصرت على نشاط غير مجد في أزمة النفايات. اوساط قريبة من التيار الوطني الحرّ اطلقت على حوارات الحريري الباريسية «الرسائل المجنحة» الصفة مستوحاة من الصواريخ الروسية التي تنطلق من بحر قزوين باتجاه منطقة الشرق الأوسط. وتعتبر هذه الأوساط أن الحريري يعزف على «اورغ ستالين» عندما يجتمع مع رئيس تيار المردة في مباحثات رئاسية شاملة. وهو يوجه عبر هذا الحوار النوعي رسائل مشفرة إلى أهداف عديدة منها القريبة ومنها البعيدة. وإلى الحليف والى الخصم في ذات المستوى خصوصا بعدما بلغت المبادرات الأفق المسدود. وفي هذا اللقاء بدأت ملامح الحلحلة تظهر للعيان في امكانية انتخاب رئيس جديد للجمهورية مع علم مسبق للحريري وفريقه السياسي بأن خيارهم الرئاسي سيشبه كثيرا زيارته إلى سوريا وبقاؤه «مرغما» في ضيافة الرئيس الأسد والمبيت في قصر المهاجرين. لكن للضرورة والظروف وموازين القوى أحكام كما أن تمرد «الحلفاء ودلعهم»ايضا أحكام. كل هذا فرض على الحريري أن يخرج من الدائرة التي تضيق تدريجيا عليه وتحد كثيرا من تحركه.

تؤكد المعلومات ان فرنجية نسّق مع «حزب الله» في موضوع اللقاء مع سعد الحريري ولكن مصادر اخرى تلفت الى ان هناك روايتين حول الامر الاولى تتحدث عن ان فرنجية تلقى رسالة من الحزب تؤكد ان لا نتائج مرجوة من الزيارة وهي تهدف فقط الى خلق مشكلة بينه وبين الجنرال ميشال عون، لكن البيك قرر الزيارة للاطلاع على الامر عن كثب.

وتضيف المصادر القريبة من التيار ان اتفاق عون او فرنجية مع «التيار الازرق» ان حصل لا يكفي لانتاج رئيس كما ان حوار الاخير مع «حزب الله» والتجاذبات هي التي دفعت «تيار المستقبل» الى بث خبر اللقاء، ومحاولة من فريق 14 آذار المشرذم الذي يعلم الحساسية بين الجنرال وفرنجية، والتي لا تتعدى نوعاً من الملامة والعتب لقطع شعرة معاوية بين الحليفين.

ولكن رغم ذلك فان فرنجية ليس بهذه السذاجة وهو يعلم في قرارة نفسه ان القرار ليس في يد الحريري، لاسيما وان تجربة الجنرال عون مازالت في الذاكرة حين لم يستطع الاول الالتزام بتعيين شامل روكز قائداً للجيش فكيف له ان يضمن موضوع الرئاسة، والنائب فرنجية لا زال حتى اليوم يؤيد وصول الجنرال ميشال عون الى الرئاسة.

مصادر مسيحية ذكرت بأن بكركي تدعم القيادات الاربعة الموارنة لوصولهم الى سدّة الرئاسة وهم الجنرال ميشال عون، النائب سليمان فرنجية، الدكتور سمير جعجع والرئيس امين الجميّل، لذا من الطبيعي ان يكون اسم فرنجية مطروحاً لرئاسة الجمهورية.

وهنا تلفت المصادر المقرّبة من الوطني الحرّ الى انه لربما يستشعر «التيار الازرق» بتسويات ما قد لا تسمح لهم بالاشتراك او بتسمية الرئيس، لذا كان لا بد لهم من القيام بهذه الخطوة، التي لن يسير فيها «حزب الله» في حال كانت التطورات المستقبلية لصالحه، من هنا فهو يسعى لرفع السقف ليحصل على ما يريد بأبخث الأثمان.

العونيون يؤكدون ان هناك مساعي كبيرة لاحداث شرخ بين عون وفرنجية وما خطوة جيلبير شاغوري «الرأس المدبر» للقاء في دارته الا لمحاربة الجنرال بعد ان انتقل من مقلب الرابية الى مقلب آخر، بحسب العونيين الذين يتهمونه بأنه كان وراء تغطية تكاليف المؤتمر الذي اقيم في واشنطن برعاية الكونغرس الاميركي والذي كان موجهاً بشكل غير مباشر ضد الجنرال عون حيث حضرته شخصيات عديدة من بينها نعمة افرام.