هدِّئوا من روعِكُم، خفِّفوا الحماسة والإنفعال، تبصَّروا في ما يجري حولكم وفي العالم قبل أن تعتقدوا أنَّ الكرة الأرضية تدور حول وطنكم الصغير؟

هذا الكلام موجّهٌ إلى السياسيين الذين نسوا ما يجري في الخارج وقرَّروا أن يعتبروا أنَّ ما يجري في الداخل هو كل الحكاية، متناسين أنَّ الرياح تلفح لبنان من الخارج إلى الداخل، وليس من رياح تلفح الآخرين من الداخل إلى الخارج.

لا أحد باله فينا، ولأنَّ الأمر كذلك فإنَّ العالم يحاول أن يُطفئ الجمرات التي بين يديه لأنَّ كلَّ دولة تشعر بأنَّ الحريق قد وصل إلى ثيابها:

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي أُبلغ ذات مساء، وهو في ملعبٍ لكرة القدم، بأنَّ حمام دمٍ يجري في باريس، وضع كلَّ الملفات جانباً وأبقى على ملف واحد على مكتبه وهو أمن فرنسا فوق كل اعتبار. في أجندته سفرٌ إلى واشنطن ثم إلى موسكو، لكن وهو في الطائرة سيقرأ ما أصدرته الولايات المتحدة الأميركية من تحذير لمواطنيها بتوخي الحذر في السفر إلى أيِّ دولة في العالم، وهو تحذير غير مسبوق، ففي العادة كانت واشنطن تحذر مواطنيها من السفر إلى دول فيها حروب أو مناطق فيها قلاقل، لكنها لم تصل إلى يومٍ تشمل فيه كلَّ دول العالم. والأسوأ من ذلك أنَّ هذا التحذير ليس لأيام بل لشهور، ويمتدُّ تحديداً إلى شباط من السنة المقبلة، كما يدعو المواطنين الأميركيين إلى أن يتوخوا الحذر خلال موسم العطلات بشكل خاص.

وما ينطبق على الأميركيين ينطبق إلى حدٍّ ما على الفرنسيين، فقد أظهرت إحصاءات نشرتها الصحافة الفرنسية أنَّ الحجوزات الأجنبية لتمضية فترة الأعياد في باريس قد انخفضت حتى الآن إلى 25 في المئة، وهذه النسبة مرشَّحة للتصاعد طالما أنَّ فرنسا على حالها من الصدمات الأمنية المتلاحقة.

ومن فرنسا إلى بلجيكا التي تتجه إلى إلغاء جزء من الإحتفالات الشعبية لمناسبة الميلاد.

أما روسيا فيبدو أنَّها تريد أن تلعب دور الشرطي في المنطقة.

إذاً، أين نحن؟

وبماذا نفكِّر؟

ومَن باله فينا؟

من طيبة القلب الإعتقاد بأنَّ دولةً في العالم، صغيرة كانت أم كبيرة، فاعلة كانت أم غير فاعلة، بإمكانها أن تتلفَّت إلى لبنان وإلى قضاياه.

صَغِّروا من أَحجار طموحاتكم، قَصِّروا خطواتكم التي لا طائل منها، اتركوا ما لا قدرة لكم على التأثير فيه.

إبدأوا بجمع النفايات ومعالجتها علَّكم تُنهون السنة بأقل روائح كريهة ممكنة.