لم يخفِ رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية أنّ الرئيس ​سعد الحريري​ رشحه لرئاسة الجمهورية في اللقاء الأخير الذي جمع بينهما في باريس أخيراً، ولكنه لم يعترف رسمياً بانعقاد هذا اللقاء بعد.

ففرنجية قال لدى خروجه من جلسة الحوار الوطني أمس إنه تلقّى طرحاً رئاسياً «جدّياً» من فريق 14 آذار. ولكنه استدرك مؤكداً أنّ هذا الطرح ربما يكون طرح الحريري شخصياً، وأنه ليس رسمياً بعد.

وإذ لم يكشف فرنجية طبيعة هذا الطرح فإنّ القاصي والداني بات يعرف أنّ الحريري أبلغ إليه أنه وفريقه السياسي يؤيّدان ترشيحه لرئاسة الجمهورية ضمن تسوية سياسية يكون من بنودها أن يتولّى هو رئاسة الحكومة في عهده.

ويلاحظ سياسيون أنّ هذا الطرح الحريري جاء في ضوء دعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الأخيرة الى «تسوية سياسية شاملة» تقوم على تنازلات متبادَلة بين الأفرقاء المتنازعين.

لكنّ هذا الطرح الحريري يبقى في رأي سياسيين عرضة للاختبار في ظلّ مجموعة تساؤلات تحتاج الى أجوبة ومنها:

- هل إنّ الحريري جادٌ فعلاً في تأييد فرنجية لرئاسة الجمهورية بعد التجربة المماثلة التي خاضها مع النائب ميشال عون وانتهت بالفشل، حيث لم يتمكّن الحريري من تسويق ترشيح عون لدى حلفائه الداخليين والإقليميين؟

- هل إنّ الحريري يستند في ترشيحه فرنجية الى تأييد حلفائه الإقليميين والداخليين؟ أم أنه يتصرف بمبادرة شخصية منه، أو بموجب توجّه قرّره فريقه السياسي، وتحديداً تيار «المستقبل» الذي يرأس إستناداً الى حساباتٍ مستقبلية؟

- هل إنّ الحريري يخوض في تأييده ترشيح فرنجية مناورة تستهدف إحراق الأخير، أو على الأقل الإيقاع بين فرنجية وحليفيه حزب الله وعون، مثلما كان يُقال خلال التجربة الحوارية السابقة مع عون من أنه كان يُراد منها الإيقاع بين عون و«الحزب».

ويُستدلّ على هذا الأمر أنه ما تزال هناك أصوات داخل تيار «المستقبل» خصوصاً، وفي فريق 14 آذار عموماً، تعارض ترشيح فرنجية وتعتبر أنّ وصوله الى رئاسة الجمهورية سيكون هزيمة مدوِّية لكلّ هذا الفريق الآذاري؟

- هل آن أوان الحلول للأزمات الإقليمية، ولا سيما منها الأزمتان السورية واليمنية، حتى أصبح مُتاحاً إنجاز الاستحقاق الرئاسي اللبناني بهذه السهولة، فيما ليس هناك في الأفق أيّ مؤشرات تدلّ على حصول تقارب أو تواصل بين السعودية وإيران من شأنه أن يشجّع أفرقاء الأزمة اللبنانية على الاتفاق على انتخاب رئيس جمهورية جديد، سواءٌ كان فرنجية أو غيره؟

أيّاً كانت الأجوبة على هذه التساؤلات فإنّ فريقاً من السياسيين يسجّل لفرنجية أنه يدير معركته الرئاسية بحنكة حتى الآن، فهو لم يتخلَّ عن دعمه ترشيح العماد عون الذي هو مرشح فريق 8 آذار بكامله.

وفي المقابل تلقّى من الحريري تأييداً لترشيحه يعتبره شخصياً الى أن يتلقّاه رسمياً، وعندئذ سيتكلّم وعون بـ»لغة واحدة» في الموقف من هذا الطرح، وفي هذه الحال سيكون على عون أن يتنحّى عن ترشيحه، مؤيِّداً فرنجية لأنه إذا ثبتت جدّية تأييد «المستقبل» للأخير فإنها ستكون كفيلة بإقناع عون بأنّ حظوظه بالفوز معدومة لأنّ الأكثرية النيابية ستكون الى جانب فرنجية، وفي هذه الحال سيصطفّ عون و«حزب الله» الى جانب بقية الحلفاء وراءه.

ثمّة فريق سياسي متشائم إزاء ما يحصل، إذ يعتبر أنّ الظروف المتفجرة في المنطقة ما تزال لا تسمح بإنجاز الاستحقاق الرئاسي في لبنان، وأنّ ما يحصل قد يكون مناورة لإمرار فترة من الوقت الضائع وربما يُراد منها إحراق ما تبقى من مرشحين أقوياء ومنهم فرنجية والذهاب الى الاتفاق على مرشح توافقي يقف على مسافة متساوية من الجميع.