لم تحضر التسوية التي يحكى عنها بعد لقاء باريس لانتخاب سليمان فرنجيه رئيسا للجمهورية على طاولة الحوار امس لكنها «رفرفرت» فوقها وعلى هامشها خاطفة اضواء النقاش الذي دار بين المتحاورين على مدى ساعتين حول تفعيل عمل الحكومة وقانون الانتخابات.

واذا كان احد لم يتطرق بحرف حول ما جرى ويجري في باريس وغيرها، فان فرنجية كان هذه المرة قطبا مميزا ومحوريا داخل قاعة الحوار او خارجها، واستقطب تصريحه بعد الجلسة كل الاضواء والمساحة الكبرى من الاهتمام الاعلامي.

ورغم محاولاته اعطاء اجوبة غير حاسمة ومحددة حول تسميته او ترشيحه للرئاسة، فان ما قاله خلال اجابته عن بعض الاسئلة شكل اعلان ترشيح «غير رسمي» بكل معنى الكلمة، مع الحرص على عدم الوقوع في فخ التسرع و«الاحتراق» بانتظار الترشيح الرسمي من الفريق الاخر الذي اكد الوثوق به.

وفي لغة وفاقية ومعتدلة على طريقته قال «ان جميعنا كل منا له قناعاته السياسية، لكن يجمعنا لبنان»، مشيرا ردا على ترشيحه للرئاسة الى اننا امام طروحات في الكواليس حتى الان... لكنه حرص مضيفا «نعتبر ان كل طرح جدي ونثق بالفريق الاخر،» هذا الطرح جدي لكنه غير رسمي وعندما يصبح رسميا نبني على الشيء مقتضاه.

وحرص ايضا على القول ان مرشحنا الاول هو العماد عون، واذا طرح الفريق الاخر طرحا جديداً سنتعاطى مع هذا الطرح في وقته، واكد اننا والجنرال عون على تواصل مستمر، وهو في جو ما يطرح، ولكننا في اول الطريق «هناك قبول وهناك عدم رفض، ولكن كما قلت فان الموضوع ليس رسميا».

وبغض النظر عن شكل ومضمون الكلام الذي اراد فرنجيه قوله بعد جلسة الحوار، فان معظم المتحاورين تعاملوا معه على انه على قاب قوسين من بعبدا، بغض النظر عن الرغبات الظاهرة والمستترة لكل منهم.

وينقل احد المتحاورين ان العديد حرصوا على الحديث مع فرنجية على هامش وخلال انعقاد الحوار، ما جعل الرئيس بري يعطي تكرارا ملاحظات «للمشاغبين» كما عبر اكثر من مرة، للعودة الى الطاولة والمشاركة في النقاش.

واذا كان النقاش على طاولة الحوار قد تناول تفعيل الحكومة وقانون الانتخابات، فان القاسم المشترك للحديث الذي ساد في الخارج كان موضوع التسوية التي يحكى عنها بعد لقاء باريس حول الاتجاه لانتخاب فرنجيه رئيسا من ضمن سلة تشمل الحكومة ورئيسها.

ـ الحريري سيرشح فرنجيه ـ

وقيل في هذا المجال ان الرئيس سعد الحريري يعتزم اعلان ترشيح فرنجيه قريبا وربما في غضون ايام قليلة، مع العلم ان بعض اعضاء تياره وكتلته لا يخفي عدم رضاه عن هذا التوجه، بينما البعض الاخر متحمّس للخيار الذي شكل نوعا من المفاجأة على الاقل في توقيته.

ومما قيل ايضا ان انضاج التسوية وترجمتها لن يستغرقاً وقتا طويلا، ولا يستبعد انتخاب فرنجية مع مطلع العام الجديد.

وفي رأي احد المشاركين في الحوار فان ما يحصل لا يبدو مناورة، خصوصا ان فرنجية ليس الشخص الذي يمكن ان يسقط في فخ مثل هذه المناورات.

وان الحريري جدّي في طرحه وهو ليس طرحا شخصيا، ولا بدّ ان يكون مدعوما او برضى المملكة العربية السعودية.

لكن المصدر نفسه لا يخفي مخاوفه من عرقلة قد تحصل في اللحظة الاخيرة ملاحظا ان مسار التسوية يجعل فرنجيه امام امتحان غير سهل على محور بعض الحلفاء المفترضين اكثر من الفريق الاخر.

انها مرحلة الخيارات الدقيقة يضيف المصدر ملاحظا «اننا اليوم في منتصف الطريق وليس في بدايته والمشوار الى بعبدا يفترض استكمال التسوية بالسلة المفترضة التي سترسم خارطة المرحلة المقبلة».

واذا كان العماد عون في اجتماع كتلته النيابية قد صوّب البوصلة باتجاه التخفيف من وقع ما جرى ويجري على الاقل ظاهرياً وفضل الانتظار، فان غيابه عن طاولة الحوار والاكتفاء بحضور النائب ابراهيم كنعان وضعه البعض في خانة الانزعاج او الرسالة الاولية ردا على كل ما يقال ويكتب.

ولا بدّ ايضا من الاشارة الى ان بعض اقطاب الحوار حرصوا وفضلوا عدم الادلاء بأي تصريح لا سيما رئىس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة ا لذي تحدث مطولا بعد الجلسة مع رئيس الحكومة تمام سلام بمشاركة الوزراء بطرس حرب وميشال فرعون ورشيد درباس ونائب رئىس المجلس فريد مكاري، اما النائب جنبلاط فخرج قبل انتهاء الجلسة.

ـ انعقاد جلسة لمجلس الوزراء ـ

وفي شأن ما دار على طاولة الحوار فان الرئيس بري استهل الجلسة بالحديث عما انتهت اليه الجلسة السابقة، مشددا مرة اخرى على وجوب تفعيل عمل الحكومة، ومشيرا في الوقت نفسه الى ما قاله الرئيس سلام سابقا بأنه يفضل دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد بعد حسم ملف النفايات الذي يحرز تقدما كما عبر مجددا، على اساس ترحيلها الى الخارج.

ودار نقاش حول مسألة انعقاد مجلس الوزراء فأكد الجميع على مبدأ تفعيل العمل الحكومي لكن الآراء اختلفت حول طريقة وكيفية انعقاده وجدول اعمال جلساته.

ورأى الوزير حرب ان الظروف الحالية تجاوزت الاعتبارات التي كانت تجعل احد الاطراف يتحفظ ويعارض انعقاد مجلس الوزراء مؤكدا على ضرورة عودة المجلس الى جلساته خصوصا في ظل الحاجات والمشاريع الكثيرة المنتظرة.

لكن النائب ابراهيم كنعان قدم مداخلة جدد فيها موقف التيار الوطني الحر لجهة التمسك بأولوية طرح مسألة الخروج على القوانين التي تمثلت بالقرارات الامنية والعسكرية التي صدرت عن وزارة الدفاع.

وقدم عدد من المتحاورين مداخلات في هذا الموضوع، واشاروا الى ان هناك مشاريع وقضايا كثيرة غير مختلف عليها ويمكن ادراجها على جدول اعمال مجلس الوزراء، وبالتالي الاخذ بالنموذج الذي اتبع في جلسة مجلس النواب التشريعية.

ـ قانون الانتخاب ـ

ودار نقاش ايضاً حول قانون الانتخاب وعمل اللجنة النيابية التي تشكلت لدرسه خلال شهرين وعلاقتها بعمل طاولة الحوار. وانقسم الرأي الى اثنين: رأي يقترح مناقشة والتفاهم على القاعدة التي ستتبع اي النسبية او النسبية والاكثرية في آن معاً بالاضافة الى عدد الدوائر على طاولة الحوار وتحويلها الى اللجنة لمناقشة التفاصيل، ورأى اخر يفضل ترك هذا الموضوع الى اللجنة على ان تطرح حصيلة عملها على طاولة الحوار من قبل الرئىس بري قبل درسها وحسمها في اللجان النيابية المشتركة.

وأثار البعض عدم اشراكهم في اللجنة مثل النائب اغوب بقرادونيان والنائب اسعد حردان، فتدخل الرئيس بري شارحا ظروف تشكيل اللجنة، ومشيراً مرة اخرى الى انه كان يفضّل ان تكون مصغرة.

واوضح ايضاً ان كل ما ستتوصل له اللجنة سيكون امام الحوار قبل درسه في اللجان المشتركة وطرحه على الهيئة العامة للمجلس.

ثم قدم مداخلة اخرى مطولة بنتيجة النقاش الذي اخذ ما يقارب الساعة، اشار فيه الى انه يمكن ان يطرح في كل جلسة حوار ما ستتوصل اليه اللجنة النيابية خلال هذه الفترة، وبالتالي يكون المتحاورون على متابعة دائمة لعمل اللجنة.

وقال ان كل من لديه اقتراحات او افكار من خارج اللجنة يمكن ان يطرحها عليه ليحيلها فورا الى اجتماعات اللجنة المذكورة.

وتطرق الرئيس بري في مداخلة حول مسألة تطبيق الدستور والطائف فذكر انه طرح مرارا موضوع تشكيل هيئة درس الغاء الطائفية منذ العام 1995 وانه اصطدم بمعارضة اسلامية ومسيحية.

وشرح ايضا موضوع انتخاب مجلس للشيوخ، معتبرا ان مهمته هو البحث في حقوق الطوائف والمشاريع التي تتصل بهذا الشأن، وقال ان هناك اهمية لهذا المجلس الى جانب عمل مجلس النواب، مشيرا الى ان العديد من الامور قد اهملت كما حصل بالنسبة للمجلس الاقتصادي الاجتماعي الذي له دور مهم على الصعيد الاجتماعي والمعيشي والاقتصادي والنقابي.

فرنجية : طرح إسمي جدّي ولكن غير رسمي... ومُرشحنا عون

قال النائب سليمان فرنجية ردا على سؤال حول ما اذا تم التطرق الى التسوية التي يحكى عنها وحول تقدم اسمه لرئاسة الجمهورية: «لا. لم يتم التطرق الى هذا الموضوع، فقط تم التطرق الى المواضيع المقررة».

وحول ما يحكى عن تسوية، قال فرنجية: «احب ان اوضح أمرا اساسيا. في الايام الاخيرة سمعنا كلاما كثيرا منسوبا الى مقربين واجواء وناس تتحدث من دون ان تكشف عن اسمها... اولا، نتمنى على وسائل الاعلام توخي الدقة. وان جونا والمعلومات التي تصدر عنا دائما تصدر بأسماء واضحة إما مني او من اسماء معروفة. والان يحكى الكثير عن اجواء جديدة وهناك الكثير من الكلام يتم التطرق له في الصحف وفي وسائل الاعلام عن اجواء تسوية لنا غير صحيح. والامر الاخر، ان الجو الذي نسمع عنه وهو جديد فنحن، نلمس تقاربا وبدلا من الاستفادة من هذا التقارب ننظر الى السلبيات منها لابرازها. ونجد مثلا تباعدا ما فننظر الى سلبية التباعد لإبرازها».

اضاف فرنجية: «نتمنى على الاعلام اللبناني الذي على عاتقه مسؤولية وطنية ان يتطلع الى كل تقارب بإيجابياته وليس بسلبياته. وهذا التقارب الذي لن اقول انه حصل او لم يحصل، ليس هو بيت القصيد. بيت القصيد هو ان اي جو سيكون، سيكون ضمن فريقين يأتي كل واحد من مكان ليلتقيا في منتصف الطريق، واي تراجع من اي فريق كان ليس هو الموضوع. فجمعينا لدينا قناعاتنا ولكن هدفنا لبنان ويجمعنا لبنان. وجميعنا يفترض ان نخرج من شيء اسمه «تكبرنا على المواضيع» وان نضع في الحسبان مصالح الوطن ومصالح الشعب اللبناني فوق كل المصالح وان يكون هذا في الوسط الذي يجمعنا».

وقيل له: هل هذا التقارب يوصلك الى رئاسة الجمهورية؟

قال فرنجية: «نحن امام طروحات في الكواليس ولن اقول اكثر من ذلك. نحن اليوم نعتبر ان كل طرح يأتينا هو جدي ونحن نثق بالفريق الاخر وما يطرحه. ولكن ما اؤكده هو ان هذا الطرح هو جدي ولكن غير رسمي. وعندما يأتي الطرح الرسمي، عندها نبني على الشيء مقتضاه».

قيل له: ماذا تقول للعماد ميشال عون الذي غاب عن الجلسة؟ أجاب فرنجية: «نحن نقول ان مرشح الثامن من اذار وفريقنا هو مرشحنا الاول الرئيس ميشال عون. اما اذا قدم الفريق الاخر طرحا جديدا فنحن ننتظر الطرح الرسمي وسنتعاطى مع الامر في حينه. ونحن نؤكد جدية هذا الطرح، ونقول هذا الطرح لأن الجميع يقول انه صار هناك طرح من فريق الثامن من اذار او اصبح هناك جو جديد هو مرشح اسمه سليمان فرنجية. لا، فالطرح الجديد هو من فريق 14 آذار وقد يكون من الرئيس سعد الحريري. وعندما يعلن رسميا عندها لكل حادث حديث. وحتى الان، كل الحديث هو حديث كواليس، واجتماعات ثنائية وثلاثية وغيرها. نحن لا ننفي ذلك ولكن عندما يصدر الطرح الرسمي سنرى كيف نتعاطى مع هذا الموضوع وسنكون مع الجنرال عون حتى اللحظة الاخيرة. نحن نتحدث بلغة واحدة في هذا الموضوع ونحن والجنرال عون على تواصل مستمر ولا يفكرن احد ان هناك اي جو لا يكون من ضمنه الجنرال عون ونحن على تواصل مستمر معه».

وحول ما اذا كان هناك مباركة اقليمية لتسميته، قال فرنجية: «نحن لا زلنا في اول الطريق ونسمع تأييدا من اماكن ونسمع عدم رفض من أماكن اخرى. ولكن، ليس هناك شيء رسمي. وهذا ما اود التأكيد عليه».

وسئل: هل يمكن ان تكون مرشحا توافقيا خارج اصطفافي 8 او 14 آذار؟

قال فرنجية: «لا نحن موقفنا معروف اين هو».

المر : قريباً... «رئيس جمهوريّة» للبنان

اكد النائب ميشال المر ان «انتخاب رئيس للجمهورية بات قريبا»، لافتاً الى ان «هذا الموضوع الذي بدأناه بالجلسة الماضية اكملناه اليوم».

وشدد المر في تصريح بعد انتهاء جلسة الحوار في عـين التينة على انه «حتى الان لم نعرف من الرئيس المقبـل وان كـنتم تستدرجونني كل القادة الموارنة ما زالوا مرشحين ونحن بانتـظار جـلسة الـوزراء المقبـلة».