شهد الوضع اللبناني في الايام القليلة الماضية تطورات سياسية مهمة فتحت الباب امام حوار جدي للوصول الى التسوية الداخلية والتي تؤدي الى انتخاب رئيس جديد للبنان والاتفاق على قانون للانتخابات النيابية وتشكيل حكومة جديدة.

وقد بدأت هذه التطورات بالدعوات المتكررة التي اطلقها امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله لعقد تسوية شاملة تتضمن الاتفاق على الرئاسة وقانون الانتخابات وتشكيل الحكومة، ومن ثم جاءت اللقاءات التي اجراها رئيس تيار المستقبل سعد الحريري مع عدد من الشخصيات والقيادات السياسية في باريس والرياض ومنها مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وقيادات تيار المستقبل وشخصيات لبنانية اخرى.

فهل ستؤدي هذه التطورات للتوصل الى تسوية شاملة للوضع اللبناني؟ وهل يمكن ان يأتي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية رئيسا للبنان بموافقة كل الاطراف اللبنانية؟.

حقيقة الدعوات للتسوية الشاملة

بداية ما هي حقيقة الدعوات المتكررة التي اطلقها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لعقد تسوية شاملة للوضع اللبناني؟ وهل للقاءات التي يعقدها رئيس تيار المستقبل سعد الحريري علاقة بهذه الدعوات؟

حول الدعوات المتكررة للسيد حسن نصر الله للتسوية الشاملة تقول مصادر مطلعة في قوى 8 اذار: ان الدعوات التي اطلقها السيد نصر الله جاءت بسبب الاوضاع الصعبة التي يواجهها لبنان في هذه المرحلة على الصعد السياسية والاقتصادية والمعيشية والامنية ولفشل المحاولات الهادفة لايجاد حلول لهذه الازمات ، مما ادى لتوقف عمل المؤسسات الدستورية وتعطل دور مجلس الوزراء والمجلس النيابي ( مع اهمية انعقاد الجلسة التشريعية الاخيرة) ، ومن هنا الحاجة للدعوة الى حوار شامل للوصول الى حلول عملية وذلك اما بتطوير صيغة الحوار الوطني الذي دعا اليه ويرعاه رئيس مجلس النواب نبيه بري واما بتكثيف الحوارات الثنائية للوصول الى حل يشبه ما جرى في اتفاق الدوحة اي حل شامل يعالج كل الازمات السياسية بشكل متساو ومنها مشكلة رئاسة الجمهورية والاتفاق على قانون للانتخابات ومن ثم الاتفاق على تشكيل الحكومة المقبلة.

واضافت المصادر: ان السيد حسن نصر الله وحزب الله ليس لديهما افكار نهائية او محددة للحلول ولكنهم مع الحوار بين كل الاطراف اللبنانية للتوصل الى اتفاق يرضي الجميع ويأخذ بعين الاعتبار كل المعطيات والوقائع السياسية والشعبية والحزب منفتح على كل الحلول الممكنة.

وبالمقابل فان اوساط تيار المستقبل اكدت : ان ما يقوم به الرئيس سعد الحريري من اجتماعات سواء في باريس او الرياض هو لدراسة كل الاجواء والبحث في كل الخيارات الممكنة للتوصل الى حلول سياسية وان المرحلة الحالية تتطلب تكثيف اللقاءات والاجتماعات وان كل الخيارات مطروحة وليس هناك حتى الان حلول نهائية وحاسمة.

وتوضح مصادر قوى 8 اذار : ان تكثيف الاتصالات واللقاءات والدعوات في هذه المرحلة للبحث في افاق التسوية الشاملة لا تعني ان الحلول اصبحت ناجزة لكن المطلوب تهيئة الاجواء الداخلية بانتظار اكتمال ظروف الحل الداخلية والخارجية وهذا قد يتطلب بعض الوقت.

سليمان فرنجية رئيسا؟

لكن هل ستؤدي هذه الاتصالات واللقاءات الى وصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى موقع رئاسة الجمهورية ولا سيما بعد لقائه الاخير مع الرئيس سعد الحريري في باريس؟

تقول مصادر سياسية مطلعة: ان سليمان فرنجية هو احد المرشحين الاساسيين للرئاسة ،ولكنه ومعه معظم قوى 8 اذار، كان يؤكد دوما ان المرشح الاساسي لهذه القوى هو العماد ميشال عون ولذلك فانه لن يترشح للرئاسة الا في حال تخلى عون عن الترشيح ولذا فان اي بحث في ملف الانتخابات الرئاسية ووصول فرنجية لهذا الموقع ينبغي ان يتم عبر العماد عون اولا.

وتضيف المصادر: ان المشكلة الثانية التي يواجهها ترشيح فرنجية في هذه المرحلة هو كونه يعلن دوما انه من الاصدقاء الشخصيين للرئيس بشار الاسد وانه على علاقة قوية بسوريا وايران وبحزب الله ، مما يجعله لدى بعض افرقاء قوى 14 اذار وقوى سياسية اخرى مرشحا لفريق وليس مرشحا وسطيا، وان كانت بعض هذه القوى تعتبر ان امكانية التعاون والتواصل مع فرنجية قد يكون اسهل من التعاون مع العماد ميشال عون بسبب مواقف الاخير الحادة في بعض الاحيان.

لكن يبدو انه رغم العقبات التي يواجهها ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة فان لقائه الاخير مع الرئيس سعد الحريري في باريس قد ادى لتحريك ملف الانتخابات الرئاسية وامكانية البحث عن تسوية شاملة للازمة اللبنانية .

وان كانت اللقاءات والاتصالات المكثفة، لا تعني حسب مصادر مطلعة : ان التسوية اصبحت قريبة لان الاوضاع في لبنان مرتبطة بالتطورات في سوريا ودول المنطقة ، لكن الحراك السياسي الداخلي يترافق اليوم مع التطورات الجارية بشأن البحث عن حلول لازمات المنطقة ولا سيما في سوريا واليمن وتطورات الحرب على تنظيم داعش واخواته، ولذا على اللبنانيين ان يبدأوا الاستعداد للحلول القادمة وحتى لو تأخرت قليلا ،ومن هنا اهمية كل هذه الدعوات واللقاءات حول التسوية والتي يمكن ان تهيء الاجواء لحصول حل شامل عند اكتمال الظرف المناسب حسبما تقول مصادر سياسية مطلعة.