ليس ترشح النائب سليمان فرنجية (أو ترشيحه) لرئاسة الجمهورية بالأمر البسيط، ولا هو مجرد عملية حسابية مبسّطة. إنه حدث، بل ربما يكون الحدث في المطلق.

فأن يكون الترشيح قد جاء من قبل فريق 14 آذار، وتحديداً من قبل زعيم هذا الفريق، المقيم حالياً في المملكة العربية السعودية هو أمر يتجاوز الخيال بالنسبة الى البعض سواء أكانوا من ضمن ذلك الفريق، بل ومن تيار «المستقبل» تحديداً، أم كانوا من ضمن فريق الثامن من آذار.

لو كتب صحافي قبل بضعة أسابيع (ولا نقول قبل سنة أو أكثر) أنّ الرئيس سعد الحريري سيرشح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، لكان القارىء سارع الى القول: هذا الكاتب خارج التاريخ والجغرافيا. ولو تحدّث أي سياسي أو محلل بذلك لقيل فيه كلام مماثل أيضاً.

ولكن الأمر حدث. وإن كان البلد لا يقوم إلاّ على «تسوية» وهو بلد الوفاق والتوافق كياناً وديموغرافياً ودستوراً، فإنّ التسوية لا تقوم داخل الفريق الواحد بل بين متناقضين أو مجموعة متناقضات. وهذا ما يجعل ترشيح الرئيس سعد الحريري النائب سليمان فرنجية للرئاسة عملية تسوية... ومن الطبيعي مثل كل تسوية أن تسفر عن متضررين في هذا الجانب أو في ذاك وعن منتصر كبير (هذه المرة) هو النائب سليمان فرنجية إذا قدر لهذه التسوية أن تبلغ مداها بانتخابه رئيساً للجمهورية.

وهنا السؤال الكبير: هل تبلغ هذه التسوية مداها؟

حظوظها واضحة وكبيرة، وصعوبة وصولها الى خواتيمها السعيدة هي أيضاً واضحة وكبيرة. وتكفي نظرة الى الخريطة السياسية الحالية، التي لا تزال محصورة حتى إشعار آخر ضمن نطاقي 14 آذار ... نظرة واحدة تبين الآتي:

أولاً - ردود الفعل (مهما كانت) بدرت من جانب أطراف فريق 14 آذار وتحديداً من نواب ووزراء في تيار المستقبل.

ثانياً - التزام فريق 8 آذار بالصمت المطبق (علناً على الأقل) يتساوى في ذلك حزب اللّه وحركة أمل.

ثالثاً - حليف 8 آذار العماد ميشال عون (وأكثر من حليف، بل رفيق تكتل نيابي واحد من ضمنه فرنجية ونوابه) هو كذلك يلتزم الصمت المطبق، ويطالب نواب تكتله -التغيير والإصلاح - وأيضاً نواب حزبه - التيار الوطني الحر - بأن يلتزموا عدم التعليق.

رابعاً - الصامت الأكبر (حتى كتابة هذه السطور مساء أمس) رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، صامت مثل أبي الهول.

إلاّ أن هذا الصمت هنا، وتلك الردود فعل التي صدرت هناك ليست سوى القشرة التي تغطي ما تحتها من حراك حثيث يجري بعيداً عن الأضواء خصوصاً على خط حارة حريك - الرابية، وعلى خط الرابية - معراب. وفي المعلومات أن الخط الأول ينطلق من محاولة حزب اللّه إقناع العماد ميشال عون بالمضي في ما نسب اليه من قول «أنا وسليمان بك واحد»، وترجمته في مجلس النواب في صندوقة الإقتراع. وأمّا في الخط الثاني فالمعلومات تنطلق من الآتي:

1 - أكثر من إمتعاض لدى عون وجعجع. 2 - مسعى حثيث لتوحيد الموقف. 3 - إمكانية إعلان مفاجأة لا تقل دوياً عن مفاجأة ترشيح الحريري لفرنجية وهي أن يعلن جعجع تأييده ترشيح عون.

خامساً - حتى في حال إفتراض موافقة عون وجعجع على تأييد فرنجية فهما سيطالبان بأن يقر مجلس النواب قانون الإنتخابات النيابية قبل الإنتخاب الرئاسي.

وتلك ستكون العقدة الأكبر.