أما والحزم والجزم والكسر رائجةٌ، نسأل عن مكانٍ ينتصر فيه الرفع. حتمًا ليس هنا، في أمّ اللاشرائع واللادستور واللاقانون.

السؤال عن السكون ضربٌ من ضروب الجنون. فأيُّ سكونٍ والمحلُّ منشغلٌ بالرئيس غير المناسب؟ وأيُّ سكونٍ والنوايا مستترة بلا ضمير؟ وأيُّ سكونٍ وأدواتُ الجزم الداخلية والخارجية لا محلّ لها من الإعراب في كتاب قواعد بعبدا؟ وأيُّ سكونٍ طالما القاعدة التي ما زالت سائدة تقوم على منع التقاء الساكنَين؟ وأيُّ سكونٍ والحراكُ تحوّل الى حَركاتٍ في غير موضعها؟ وأيُّ سكونٍ وكلُّ فعلٍ “مبنيّ” على أسس غير ثابتة؟ وأيّ سكونٍ والـ “لا” ما عادت تنهى في صيغة فتوى شرعية أو حرمٍ كنسي؟

هكذا يبدو الوطن فعلاً ماضيًا ناقصًا لا يكتمل إلا برئيسٍ يجعل الشغور ماضيًا والرئاسة مضارعةً صيغةً وزمنًا. أما المستقبل فمتروكٌ لصيغةٍ قد يُنتجها ظرفا مكان وزمان في حوارٍ بنودُه “مجرورة” منذ زمن إعلان لوطنٍ مفعول به وفيه لا معه ولأجله. وحتى التي حتحتت رؤوس العلماء ومات بعضُهم وفي نفسه شيءٌ منها، تبدو لصيقة برئاسةٍ حتحتت رأس بكركي ومعها رؤوس الكبار ودفعتها الى كسر الأعراض والعروض باللجوء الى بحور العرب الملوّثة بالنفط والدم.

في هذا الوطن المنصوب “أشياء” هي أيضًا ممنوعة من الصرف إلا بعملات العرب لأن أولئك أنفسهم أوردوها على هذه الشاكلة بلا مسوِّغ. في هذا الوطن المنصوب كان المبتدأ أوّل الكلام بيد أن الخبر لم يعد شريكَه المرفوع بعدما نصبته “كان” التي لا تغادر الذاكرة اللبنانية ولا تترك للصلح مطارحَ.

أما “الصرف” ونحن أربابُه عشوائيًا والتمييز ونحن أربابُه إنسانيًا، فلا تسألنّ عن حالهما. لا تسألنّ عن العدد والمعدود والكمّ والمكموم والحجم والمحجوم، فكلُّها قياساتٌ لا على حجم وطن بل واحد أو أكثر من حامليه هويةً لا وجدانًا.

ومع أن لا حياة لمن تنادي، إلا أن “النداء” لا يفارق أفواهَنا علّ السماء تستجيب. ومتى لم ينفع النداء وكثرُ الاستفهامُ والاستعجابُ وعلاماتُ التنقيط في بلاد “التنقيط” ، ليس أكثر من “الجوابات”. لكلّ طلبٍ جوابٌ مجزوم تُحذَف منه حروف علّة شكليًا وتختبئ فيه ضمنيًا لتعود عن “تستُّرها” ما إن تفارقها أسبابُ الجزم.

ليس المطلوب كثيرًا من أبناء النصب. المطلوب جَزمٌ في القرارات لا جِزَمٌ ترتفع فوق المكاتب في وجه الشعوب. المطلوب فَتح قصر بعبدا لا أبواب الجحيم على المواطنين بسياساتٍ مشبَعة بنكاياتٍ لا كنايات وحراكاتٍ مشبوهة. المطلوب نصابٌ في تشريعٍ مقَونَن لا نَصبُ صلاحيات يأتي بعد “لن ولن ولن” فيما الحقيقة معكوسة. المطلوب سُترة نجاة لا ضمائر مستترة تقديرها هو وهي وهما وهم وهنّ. المطلوب تلوين العيش المشترك لا تنوينُه بضمّتين متملّقتيْن وعناقيْن مظهريَّيْن. المطلوب نُكران الذات لصالح الوطن لا التنكّر لأنين الناس والتعامل معهم على أنهم “نكرة” رغم أنهم هم “المعرفة” وأنتم من دونهم “نكرة”. المطلوب أن تكون الحركة بارزة على أول الدستور وآخره لا أن تكون مقدّرة بفعل “الثِقل” وما هو إلا “ثقل دم” أو “التعذُّر” وما هو إلا أعذارٌ أقبح من ذنوب. المطلوب اعتقال الفاعل الظاهر والمستتر لا المفعول حتى لو كان مُطلقًا. المطلوب الحفاظ على عُرض “أخوات كان وإنّ” لأنّ الماضي ولو كان ناقصًا يُعلّم والحاضر ولو كان مشبّهًا بالفعل يكتمل. المطلوب “صرفٌ” على “نحوٍ” ضميري. المطلوب أسماء موصولة لا منفصلة بعدما شبعنا فراقات وتنافرات.

أما آن لبعض هؤلاء أن يفهموا أن كلَّ أفعالهم منقوصة وأن حركاتهم “مش ظابطة” وأن قواعدهم برمّتها مزعزعة؟ الى أبناء النصب وما أكثرهم، متى يتوقف الجرّ وينتصر الرفع في جملةٍ مفيدة كم يحتاجها شعبُ بلدٍ بات مجرّدًا من كلّ دروس القواعد...؟