صحيح أن اسم رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية بات من الاسماء المتداولة للسباق الرئاسي. لكن العوائق امام تحوّله من مرشّح الى رئيس منتخب لا تزال عديدة من وجهة نظر"الرابع عشر من آذار".

في مقاربته لما يحدث، يشبّه أحد نواب "الرابع عشر من آذار" ما يحصل اليوم على صعيد الطروحات الرئاسية، بمن يرغب باستبدال سيارته بأخرى، فيعبّر بداية عن نيته القيام بجولة على الشركات والمعارض لاستطلاع المواصفات والاسعار، قبل الانتقال الى مرحلة الحديث الجدّي، التي تشمل تقديم الاوراق للمصارف وانتظار الجواب في موازاة العمل على تأمين الدفعة الأولى وصولاً الى انجاز المهمة. لذلك، لا يمكن لأحد في هذه اللحظة، ان يعتبر أن مفاتيح السيارة الجديدة باتت في جيبه قبل عبوره هذا المسار بنجاح.

من هنا، يعتبر النائب المعني أن ازمة الشغور الرئاسي التي تعد اياماً اضافية في روزنامتها تحتّم على الجميع التفكير بطرق جديدة للمخارج، لأن تمسّك كل طرف بطروحاته من دون التقدم خطوة نحو الآخر، في سعي الى الالتقاء عند منتصف الطريق، سيزيد الأزمة تأزّماً ويضيف الى المشكلات التي نعيشها عناوين جديدة.

بالنسبة الى اصحاب هذا التوجّه، قد يكون هذا ما دفع بالامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الى طرح سلّة الحل. وهي خطوة رأت فيها قوى "الرابع عشر من آذار" نقطة ايجابية يمكن البناء عليها. البعض في تيار المستقبل وحلفائه فسّر كلام السيد استعداداً للتسوية الرئاسية، بما تعنيه من بحث عن مرشح رئاسي يمكن تمريره غير رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.

يشير المتابعون الى أن خطوط التواصل لم تقفل في الاشهر الأخيرة مع فرنجية، وهو الذي ارسل رسائل ايجابية عدة على استعداده للالتقاء مع الفريق الآخر على منطق التسوية، إن في التمديد لقائد الجيش العام 2013، او التمديد للمجلس النيابي، او تغطية التشريع بمعزل عن مواقف حلفائه المسيحيين.

لذلك، رأى المستقبل أن جوجلة الأفكار مع فرنجية ممكنة. وفي الآونة الأخيرة، كان اول الزوار اللافتين لبنشعي مستشار سعد الحريري النائب السابق غطاس خوري، تلته اجتماعات بعيدة من الاعلام، الى أن خرج رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بتصريح يؤكد فيه انه لا يمانع انتخاب فرنجية إن كان يخرج البلاد من الأزمة. بدت الأجواء ملائمة للقاء يحصل بين فرنجية والحريري.

تؤكد اوساط الرابع عشر من آذار أن اللقاء يشكّل بداية المسار لا نهايته، وهو يأتي في سياق البحث عن مخارج للأزمة. في الكواليس من يطرح المعادلة التالية، فرنجية لرئاسة الجمهورية، وسعد الحريري لرئاسة الحكومة. تماماً كما روّج في السابق لمعادلة ميشال عون في بعبدا وسعد الحريري في السرايا.

من يستمع الى قوى الرابع من آذار، وتيار المستقبل تحديداً، يلمس لغتين وخطابين. من جهة، يخرج من يتحدّث عن فرنجية بسلاسة وايجابية، في مقابل من يرفض البحث بالموضوع لأنه صديق النظام السوري وحليف الخط المناوىء للرابع عشر من آذار.

ويذهب بعض صقور الرابع عشر من آذار الى حدّ القول إن القبول بفرنجية اذا حصل يشكّل انقلاباً على كل نهج ثورة الارز على مدى عشرة اعوام. واذا كان البعض يعتبر أن كل الملاحظات يمكن ان تسقط عند حصول الاتفاق-التسوية، فمعلومات "البلد" تشير الى أن الحديث عن فرنجية، على الرغم من جدّيته، الا انه لا يعني انه أصبح المرشح الرئاسي الذي يتبناه الفريق الآخر. ولكن المرحلة الراهنة هي مرحلة استكشاف الأوراق، والتي تطرح خلالها الشورط والشروط المقابلة.

وفي هذا السياق، تتحدّث اوساط 14 آذار عن ان من الشروط الملزمة لانتقال فرنجية من ورقة رئاسة الى مرشح، الوصول الى رزمة حلّ تشكل الابقاء على قانون الانتخاب الحالي، وعودة الحريري الى السرايا، وعودة حزب الله من سوريا، والاّ فاي ثمن آخر يدفع في مقابل تنازل 14 آذار عن لاءاتها وعناوينها تشكّل "بيعة خاسرة" لا يمكن القبول بها.

في كواليس الرابع عشر من آذار من يتحدّث عن كباش فعلي حاصل يشبه الى حدّ بعيد ما حصل بين المستقبل وعون في السابق. ولكن ما يمكن ان يكون مختلفاً هذه المرة هي الاجواء الاقليمية الملائمة، فإما ان تسمح بتذليل العقبات الرئاسية في لبنان في وقت قريب، او ان الازمة ستطول وتطول.

وبين الآراء المختلفة، يستذكر احد نواب الرابع عشر من آذار من المعارضين لتحوّل فرنجية الى مرشّح رئاسي ان الأخير كان وزيراً للداخلية يوم اغتيل رفيق الحريري، وهو الذي خرج ليقول لسعد الحريري نفسه يوماً " كرامتنا اهم من سعد الحريري ومن نسله. ونحن شربنا مياه اهدن ولم نشرب المياه المحلاة" سائلاً الحريري " هل تذكر من وصفك يوماً بالغلام؟".