الكل تحت هول الصدمة التي لم يستفق منها بعد والتي سببها اللقاء الباريسي بين سعد الحريري وسليمان فرنجية الذي يستمر مادة الاستقطاب والنقاش السياسي في ظل سيناريوهات افتراضية تتراوح بين ان فرنجية سيجلس على كرسي بعبدا قريباً وقريباً جداً في مهلة زمنية لا تتجاوز عيدي الميلاد ورأس السنة وبين سيناريوهات تشكيكية بان الترشيح لم يسلك الطريق الرسمي بعد، في حين يرى آخرون ان ما كتب قد كتب وان الحريري انهى الترتيبات قبل اللقاء الباريسي وحصل على القبول السعودي لترشيح فرنجية وليس عليه اليوم الا تسوية مفاعيل هذا الترشيح وترتيب الاوضاع مع حلفائه لامتصاص صدمتهم وتفسير موجبات قراره ودواعيه وان الحريري الذي افتتح اتصالاته بقيادات من 14 آذار سيقوم بخطوات سريعة لترتيب البيت الآذاري وجعله يتكيف مع التسوية الجديدة ومتطلبات المرحلة المقبلة.

واكدت اوساط سياسية ان الحريري لن يجد صعوبة كبيرة في تسويق هذا الترشيح لدى البعض باستثناءات خاصة خصوصاً لدى معراب التي نزل عليها خيار السير بترشيح فرنجية كالصاعقة التي ضربت بسرعة بدون مقدمات. وعليه ترى الاوساط فان السؤال المطروح اليوم كيف سيكون تعامل القوات مع صدمة الحليف وهل يمكن ان يبادر جعجع الى خلط الاوراق الرئاسية مجدداً بمفاجأة معاكسة بالتنسيق مع الرابية؟ السؤال يبدو متأخراً كما تقول الاوساط عن مجرى الاحداث لأن خطوة الحريري مبكلة ومحكمة ولا تحتمل التعطيل والنسف من اي طرف كان لأنها اتت بالتنسيق والرضى السعوديين ولا يمكن العمل بخلافها ومعاكستها، وان كانت معراب التي تغرق بالصمت واوعزت الى المقربين منها عدم الغوص في اي سجال في هذا الشأن وحصر الموقف بها بصدد استيعاب الصدمة لأن جعجع اكثر المتضررين من هذا الترشيح.

وإذا كان ميشال عون فقد حلمه التاريخي بالجلوس على كرسي بعبدا كما تقول الاوساط، فان سمير جعجع فوجئ بدوران الملف الرئاسي وانقلابه رأساً على عقب وتداعيات ترشيح فرنجيه عليه اكبر من عون «أولاً لأن فرنجية هو الخصم التاريخي لمعراب الذي لم يتصالح معه منذ 37 عاماً، ولأن جعجع هو المرشح الرسمي والافتراضي لـ14 آذار وبالتالي فان ترشيح فرنجيه يعتبر نكساً بالوعد لمعراب وان كان سمير جعجع يدرك ان حظوظه الرئاسية بمستوى الصفر تقريباً. الا ان ذلك لا يعني وفق الاوساط ان ردة فعل معراب او موقفها من المسألة ستتسم بالتصعيد لعدة اعتبارات، فسمير جعجع يدرك ان الحريري لم يتخذ قراره بمفرده بدون التنسيق مع السعودية ويدرك ايضاً ان اللقاء حصل ضمن الرضى الاقليمي للدول التي تدور في محورها 8 و14 آذار، وليست بعيدة ربما عن التسوية الشاملة التي اطلقها الامين العام لحزب الله والقبول السعودي بترشيح فرنجية. ومن جهة اخرى لا يمكن لجعجع ان يقدم على اي خطة اعتراضية لمواجهة القرار السعودي خصوصاً ان جعجع يعتبر الشخصية المسيحية الاكثر اقتراباً من المملكة السعودية بعد الاستقبال الملوكي الذي اقيم في الرياض لسمير جعجع قبل بضعة اشهر.

والى ان يقوم المستقبل بالاعلان الرسمي عن تبني ترشيح فرنجية فان المتوقع بحسب الاوساط، ان يكون هناك سلسلة خطوات من المستقبل والسفير السعودي باتجاه معراب رغم ان الخطوط لم تتوقف بين باريس ومعراب كما تقول الاوساط منذ لقاء باريس، وحتى حدوث اي تطور فان القوات كما تظهر مستمرة بسياسة التحفظ وعدم المبادرة الى اي رد فعل رغم امتعاضها من لقاء باريس ونتائجه لأن الترشيح حصل بدون معرفتها وكان مفاجئاً لها وهذا ما يفسر عدم حضور جعجع الى باريس بعد ولأن قراءة معراب ولسان حالها ان مجريات الحرب في سوريا لا تستلزم بالضرورة مثل هذا التنازل لفريق 8 آذار.

ماذا عن الرد المناسب لكل من جعجع وعون، ترى الاوساط ان الزعيمين المسيحيين هما الأكثر تضرراً من نتائج هذه التسوية التي طبخت في باريس ولم يكن بعيداً عنها او يرفضها وليد جنبلاط او نبيه بري، الا ان اي انقلاب لا يمكن ان يحصل من قبل الطرفين فلا سمير جعجع يمكن ان يسير بترشيح عون للرئاسة والعكس صحيح، فاعلان النوايا قطع مسافة طويلة وانتج سلسلة تفاهمات وتسويات الا ان الجنرال لا يمكن ان يصبح مرشح معراب مهما كان الثمن وبالتالي فان جعجع الذي تضرر من تمسية فرنجية سيكون ملزماً بالحصول على جوائز ترضية من زعيم المستقبل وكذلك ميشال عون الذي مني بخسائر جسيمة في السياسة من التمديد لمجلس النواب وللقيادات الامنية الى رئاسة الجمهورية التي لا تعوض باي ثمن في حسابات الرابية والتي اسقطها من يد عون «الفيتو» السعودي وحيث ان الرددات في الرابية اليوم لماذ «الفيتو» على عون لم ينطبق على سليمان فرنجية طالما ان الاسمين من 8 آذار، لا بل فان فرنجية بشخصه هو اقرب الى النظام السوري وبشار الأسد بالذات من زعيم الرابية.