النائب وليد جنبلاط مولعٌ هذه الأيام بالتغريد على تويتر، ولا غرابة في ذلك خصوصا انه أحيانا يغرِّد خارج سربه واحيانا أخرى داخل سربه.

مساء السبت غرَّد رئاسياً فكتب: تذكرني هذه المرحلة بما جرى منذ 27 عاما عندما كانت وساطة روبرت مورفي. غريب ان البعض لا يتعلم. أتبعها بتغريدة ثانية قال فيها: لماذا لا نتعلم من دروس الماضي. غريب ومؤسف.

تزامنت هاتين التغريدتين مع اتصال هاتفي أجراه الرئيس سعد الحريري برئيس تيار المرده الوزير سليمان فرنجيه، واقتصر الخبر على التالي تداولا معا في المستجدات والتطورات.

***

عميقٌ ما كتبه بيك المختارة فهو عاد بالزمن الى 18 أيلول 1988، أي قبل خمسة أيام من انتهاء عهد الرئيس أمين الجميل، حين عاد الموفد الأميركي ريتشارد مورفي من دمشق معتبراً نفسه انه حقق انجازاً مع القيادة السورية باقناعها بأولوية انتخاب الرئيس وتقديمه على انجاز الاصلاحات الدستورية، وحمل معه، في مقابل هذا الانجاز، اسم النائب مخايل الضاهر كمرشح وحيد يقبل فيه السوريون على اساس تقديم الرئاسة على الاصلاحات.

هذا المقترح قوبل برفض من قائد الجيش آنذاك العماد ميشال عون وقائد القوات اللبنانية سمير جعجع والرئيس الذي شارفت ولايته على الانتهاء أمين الجميل، والقيادات المارونية التي استبعدت من بورصة الترشيح، فكان التصريح الشهير لمورفي من بكركي إما الضاهر وإما الفوضى.

***

بعد سبعة وعشرين عاما تغيَّرت الدنيا: لا الوزير سليمان فرنجيه هو مخايل الضاهر، ولا الرئيس سعد الحريري هو الموفد الاميركي ريتشارد مورفي. أيلول 1988 غير تشرين الثاني 2015. ففي أيلول 1988 كان هناك رئيس وكانت هناك خمسة ايام متبقية من ولايته. اليوم ليس هناك رئيس، وعمر الشغور بلغ عاما ونصف العام.

في ايلول 1988 كان العماد عون قائدا للجيش، وكان قادرا على جعل النواب لا يستطيعون الوصول الى قصر منصور حيث كان المقر الموقت لمجلس النواب. وكان سمير جعجع قائد للقوات اللبنانية وقادرا على منع النواب من الوصول الى قصر منصور ايضا.

تعثرت الانتخابات فانتخب القادة الموارنة الفوضى بدلاً من مخايل الضاهر، وبعد عامين على الفراغ قبلوا بالاصلاح قبل الانتخابات، فكان الطائف، وانتخبوا الرئيس الشهيد رينيه معوض الذي استشهد قبل ان يتسلم رسميا فانتخب الرئيس الياس الهراوي.

***

بهذا المعنى التاريخ لا يعيد نفسه:

فمن غير الجائز الاعتقاد بأن الرئيس الحريري والوزير فرنجيه يرتجلان، ويقول مصدر أوروبي مطلع في الشأن اللبناني ان انضاج ما تم التوصل اليه كان قبل أكثر من شهر، وعملية الانضاج تمَّت مع العلم المسبق بأن الاعتراضات ستتصاعد، لكنها لن تؤدي الى احراق الورقة التي رسمت عليها خارطة الطريق للوصول الى بعبدا.

ولاعطاء صدقية لهذا الكلام، يقول نفس المصدر ان شخصية أوروبية بارزة جدا ستكون في بيروت للمباركة حين انضاج الحل.

***

ولكن هل تنتهي الأمور هكذا؟ أوساط الرابية تستبعد كل هذه الاحتمالات والسيناريوهات، وتذكر بما قاله أحد أركان الطرف الثاني في ورقة التفاهم مع العماد عون، وهو: إما عون وإما الفراغ.

عون ما زال يمتلك أوراقا، وفرنجيه يبدو انه يمتلك الورقة الرابحة، فماذا يخبئ الغد؟

هل العلم عند الرئيس سعد الحريري؟