طرح لقاء باريس وتصاعد الكلام عن دخول سليمان فرنجية دائرة الترشيح الجدي لرئاسة الجمهورية، اسئلة عديدة تتمحور حول صدقية هذا الطرح من جهة ومدى وموعد ترجمته الى حيز التنفيذ من جهة اخرى.

ومما لا شك فيه ان الاطراف المسيحية الاساسية الاخرى فوجئت بالحدث بعد ان كانت نائمة على حرير الانتظار حتى اشعار آخر... وقد اصيبت في البداية بصدمة الى حد الذهول، ما جعلها في حالة فقدان وزن او توازن قبل ان تنتقل الى مرحلة رد الفعل.

ومن الاسئلة التي طرحت: هل الرئيس سعد الحريري جاد في موقفه ام انه يناور في اطلاق بالون رئاسي جديد كنوع من الاختبار ومعرفة ردود فعل الاطراف الاخرى؟

وهل انه يملك غطاء سعوديا لهذا الطرح ام انه يكتفي بنصف قبول ونصف معارضة على طريقة «انتظر لترى»...

ووفقا لمعلومات مراجع بارزة فان الحريري لا يناور في طرحه الذي يشمل «سلة كاملة» يفترض ان تتناول رئاسة الحكومة والحكومة المقبلة بالاضافة الى قانون الانتخابات النيابية. وهو يدرك ان فرنجية ليس من الاشخاص الذين يسقطون في فخ المناورات، لا بل يعتمد في ممارسته السياسة منذ البداية الواقعية مستندا الى منهجية ثابتة وشبكة علاقات تتجاوز احيانا التصنيفات والانقسامات السياسية.

وفي رأي المراجع ان رئيس تيار «المستقبل» لا يمكن ان يقدم على مثل هذه الخطوة من دون الوقوف عند رأي القيادة السعودية، لا بل ان مبادرته هذه ربما جاءت بإيحاءات وتشجيع من المملكة لاسباب لم تتكشف بعد كل تفاصيلها.

ووفقا للمعلومات ايضا فان الرئيس الحريري مهتم بقانون الانتخابات الجديد بقدر اهتمامه برئاسة الحكومة.

وبمعنى آخر فانه يريد ان يضمن في الانتخابات المقبلة حصة توازي او اقل بقليل من حصته اليوم في الندوة النيابية، خصوصا بعد ان اصيب تياره مؤخرا باهتزازات وإرباكات في الهيكلية التنظيمية وفي القاعدة.

واذا ما تحققت هذه الصفقة على اساس السلة الكاملة المذكورة، فانه سينجح في تحسين موقعه السياسي بشكل عام، ويعيد استنهاض تياره الشعبي.

ويريد الحريري مقابل انتخاب فرنجية رئىساً للجمهورية تأمين الضمانات والنتائج الآتية:

1ـ عودته الى رئاسة الحكومة بمعادلة قوية ووازنة داخل مجلس الوزراء.

2ـ استئناف دوره السياسي المباشر، وهذا يفترض بطبيعة الحال عودته الى البلاد قريباً بعد حسم عناصر السلة الكاملة للحل.

3ـ اقرار قانون جديد للانتخابات يأخذ بعين الاعتبار عدم الاضرار بحصته النياية، وبالتالي المحافظة قدر الامكان على الكتلة الاساسية الكبرى والوازنة في المجلس.

واذ كان يميل ضمناً الى الابقاء على القانون الحالي، فانه لا يمانع بقانون جديد تكون مفاعيله مشابهة لمفاعيل هذا القانون.

وحسب المعلومات ايضاً فان المملكة العربية السعودية لا تمانع في المبدأ بتحقيق مثل هذه الصفقة، خصوصاً اذا ما ضمنت السلّة التوازن الذي يبقي رئاسة الحكومة وحصة قوية لحلفائها في مجلس الوزراء مقابل ذهاب الرئاسة لفرنجية وما يمثل على المستوى الوطني والسياسي.

وعلى صعيد آخر يبدو ان الفريق المسيحي الممثل بالقطبين السياسيين العماد ميشال عون وسمير جعجع، يسعى الى رفع وتيرة المعارضة تدريجيا وكسب الوقت الذي يعتبره انه ليس لصالح الصفقة.

وحتى الآن نجح هذا الثنائي في اثارة الشكوك حول نجاح الصفقة المذكورة، وخلق اجواء مسيحية مناهضة لها، لكنه في الوقت نفسه لم يتمكن من اسقاطها لعجزة اولا عن تقديم اي بديل في الوقت الحالي سوى الاستمرار في التخبط في الازمة الرئاسية التي تشكل عنصراً اساسياً في الازمة الوطنية بشكل عام.

وفي ظل هذا الجو من الترقب الحذر يسود الاعتقاد لدى المراجع السياسية البارزة بأن الايام المقبلة ستكون حاسمة، فإما تكريس ترشيح فرنجية تمهيداً لانتخابه في غضون اسابيع، وإما التراجع الى دائرة المراوحة من جديد وتعميق الازمة.