- ثلاثة ملفات تحرّكت بسرعة وعلى إيقاع يدعو إلى توقعات ليس فيها مكان لوقت طويل حتى تتبلور نتائجها، وما قد يتبلور ليس عارضاً ولا مؤقتاً ولا ظرفياً، بل مفصلي. فالبداية من الملفّ التركي الروسي وتصاعده وصولاً إلى الطريق المسدود لمحاولات التسوية الظرفية، لكن مع مهلة لنهاية العام، الموعد الذي حدّده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للبدء بتنفيذ العقوبات الاقتصادية القابلة للتصاعد، إذا ما بقي التوتر، بينما نهاية العام يفترض أن تكون قد منحت الميدان السوري فرصة قول الكلمة الفصل بصدد المنظور الذي تريد تركيا فرضه في سورية وعلى ضفة أخرى، نهاية العام الموعد الذي أعلنه المبعوث الأممي للتسوية في اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد لاستئناف المفاوضات، وهو الموعد الذي يبدو أنّ التطورات الميدانية ستجعله الأكثر أهمية قياساً بالمواعيد السابقة للمفاوضات. أما الملف الثالث فهو التشابك اللبناني بين الرئاسة وقانون الانتخابات النيابية، وأمام اللجنة المكلفة إعداد القانون مهلة شهر تنتهي نهاية العام لإنجاز المسودّة، بينما الصيغة المتداولة لتسوية الملف الرئاسي بترشيح النائب سليمان فرنجية لا تحتمل مدّة لتبلورها أبعد من نهاية العام مع نهاية شهر لجنة قانون الانتخابات.

- نهاية العام تعني الشهر الأخير منه، وهو الشهر الذي تتزاحم فيه استحقاقات إنجاز رفع العقوبات عن إيران عملاً بالقواعد التي صاغها التفاهم على ملفها النووي، وبموجبها ستتدفق على إيران أموال طائلة من ودائعها المجمّدة ومن عائدات نفطها العائد بقوة إلى الأسواق وفقاً لـ»الكوتا» المقرّرة لها في منظمة أوبك، والتي تعادل أربعة إضعاف إنتاجها الحالي، وتعني كذلك انفراجات لها في العلاقات المصرفية الدولية وفتح الاعتمادات التجارية لضخّ المستوردات الأجنبية في أسواقها. ونهاية العام الجاري يبدأ برنامج تخفيض القوات الأميركية في أفغانستان ليكون الانسحاب الكامل مع نهاية العام المقبل، وهذا يستدعي سحب خمسمئة من الجنود والضباط الأميركيين كلّ شهر ليتمّ سحب القوة المتبقية من قرابة الثلاثة آلاف نهاية العام، لكن عام الانسحاب من أفغانستان يبدأ نهاية هذا العام. ونهاية العام تكون مهلة تنفيذ آخر الالتزامات الخاصة بالتفاهم حول الأزمة الأوكرانية سواء بالنسبة للمعابر الروسية الأوكرانية، أو بالنسبة لخصوصية الأقاليم الشرقية المؤيدة لروسيا. ونهاية العام أيضاً يفترض أن تكون قد انتهت على خاتمة سعيدة المهلة المتفق عليها بين الأميركيين والجيش العراقي لإنهاء وجود «داعش» في محافظة الأنبار، بينما كان قادة عسكريون روس قد أكدوا أنّ الجزء الأهمّ من الإنجاز المتوقع لدور الطيران الروسي في الحرب السورية سيظهر نهاية العام، أيّ بعد ثلاثة شهور على بدء التموضع والغارات المكثفة على مواقع الجماعات المسلحة وتقدّم وحدات الجيش السوري وحلفائه تحت غطائها.

- استحقاقات نهاية العام كثيرة ومتداخلة ومساحتها تشمل كلّ ملفات الاشتباك على مساحة العالم، وصولاً إلى تشبيك يحلّ مكان الاشتباك، تشكل التفاهمات الخاصة بسورية في فيينا والخاصة بأوكرانيا في مينسك والخاصة باليمن في مسقط، مؤشرات على اتجاهاتها، على إيقاع تفاهمات الملف النووي الإيراني الذي يجعل السنة الأميركية الانتخابية، سنة تفرّغ وانكفاء نحو الداخل، وهذا يعني شهراً ساخناً على كلّ الجبهات من الحدود التركية السورية حتى الحدود اليمنية السعودية.