لسنةٍ وأربعة أشهر، بقي أهالي العسكريين المخطوفين لدى "جبهة النصرة" ينتظرون ويترقّبون ويتأمّلون، توازيًا مع المفاوضات التي قادها مدير عام الأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم لتصل القضية الى خواتيمها، في وقت يبقى فيه مصير العسكريين التسعة المخطوفين لدى "داعش" مجهولاً.

منذ نهاية الأسبوع الماضي، شاع خبر إنتهاء المفاوضات بين الأمن العام و"النصرة". ترقّب اللبنانيون بصيص نور يوم الأحد خصوصاً وأن الجميع تداول بقصّة إطلاق العسكريين ليتبين بعدها أن المسألة تعرقلت بعد بروز مطالب تعجيزية لجبهة "النصرة" الارهابيّة. اليوم، إختلف الوضع، فعلى عكس ما جرى صبيحة الأحد ذلّلت العقبات وتكللّت جهود اللواء ابراهيم بالنجاح مع عودة العسكريين الستة عشر الى الحرية مقابل اطلاق سجناء اسلاميين من رومية وطليقة زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي سجى الدليمي وسجينات أخريات.

مع شيوع خبر إتمام صفقة الإفراج عن العسكريين، علت الزغاريد في منطقة رياض الصلح، حيث لم يصدق الأهالي أن العذاب والإنتظار إنتهيا، وأنهم وبعد كلّ هذا الوقت سيستطيعون إحتضان أولادهم. لم يتوقف هاتف ليال الديراني شقيقة الجندي المحرّر سليمان الديراني عن الرنين. الكلّ يسأل عن شقيقها وهي تجيب: "لم أصدق أنني سمعت صوته بعد كلّ هذه المدّة، فقد إتصل بي حالما تمت عملية التبادل". لا تستطيع ليال أن تصف شعورها وهو لا يُترجَم بمجرّد كلمات، وتتمنى عبر"النشرة" أن تكتمل الفرحة وتتكللّ الجهود بعودة العسكريين المخطوفين لدى "داعش". أما شربل جعجع شقيق الجندي المحرّر بيار جعجع فيشكر اللواء ابراهيم لأنه حمل على عاتقه همّ معالجة هذا الملف وإيصاله الى خواتيمه السعيدة.

في الساحة يهنئ حسين يوسف والد العسكري المخطوف لدى "داعش"محمد يوسف الأهالي بعودة أبنائهم الى الحرية والدمعة في عينه هو الذي إنتظر بشوق لحظة لقائه بنجله أو معرفة أي خبر عنه. يؤكد عبر "النشرة" أن "الجمرة لا تحرق إلا مكانها ففرحتنا لا توصف بإطلاق العسكريين لدى "النصرة" إلا أنها لا تزال ناقصة ومجبولة بدموع الأمل والتمني والصلاة لرب العالمين ليستجيب الدعاء ويتحرّر من تعتقلهم داعش".

بجانب الخيم تقف امرأة بالغة هي والدة الجندي المحرّر جورج خوري، تذرف الدموع ولا تستطيع الكلام، تعانقها إمرأة تتشح بالسواد وتبارك لها عودة نجلها. إنها جورجيت سمعان والدة الملازم الشهيد نديم سمعان التي رافقت هذه القضية منذ بدايتها. لا تدري جورجيت ما إذا كان يجب أن تبتسم أم تبكي، فهي ورغم شعورها بالسعادة لإطلاق العسكريين، إلا أنها وفي هذه اللحظات لا تستطيع ألا أن تتذكّر إبنها الشهيد الذي إفتدى بحياته هذا الوطن. وتأسف عبر "النشرة" أن "تأتي التسوية على حساب دماء الشهداء خصوصاً وأن الصفقة شملت إطلاق من فتكوا ونكّلوا بالجيش"، إلا أنها تعود وتعزّي نفسها بالقول: "من أطلقوا لا يعتبرون من الرؤوس المخططة بل هم مجرد أدوات، لذا نحن لن نقف في وجه إطلاقهم إذا كان الثمن عودة العسكريين الى حضن أهلهم رغم أن أحداً لم يسألنا رأينا ولم يحترم وجعنا".

في المحصلة، فرح عارم يعمّ ساحة رياض الصلح مع عودة العسكريين الستة عشر الى الحريّة، لا بدّ من الوقوف عنده بعد هذه المأساة الّتي ضربت لبنان من أقصاه الى أقصاه!