بعد عام ونصف العام من الاختطاف لدى جبهة النصرة انتهت قضية احتجاز العسكريين الستة عشر الذين خطفوا في 3 آب 2014، بعد ان سلمهم ابو طاقية لارهابيي النصرة، لتنطلق المرحلة الثانية الاكثر تعقيداً عن الاولى والمتعلقة بالعسكريين المخطوفين لدى داعش وحيث ان ارهابيي النصرة اعلنوا اكثر من مرة رغم تعثر المفاوضات عن نوايا بانجاز التبادل، في حين لم تصدر اشارات ايجابية عن مسلحي داعش وحيث ان طبيعة الملفين لا تتشابهان ابداً، كما ان ظروف اعتقال العسكريين لدى داعش اختلفت في حيثياتها وتفاصيلها عن ظروف النصرة، في حين كان تنظيم لقاءات ومقابلات لاهالي موقوفي النصرة ومعلومات من خلال ابو طاقية والوسطاء مختلف، اذ ان مخطوفي داعش لا احد يملك معلومات دقيقة عن اماكن تواجدهم وظروفهم الحياتية.

واذا كان اللواء عباس ابراهيم الذي انجز صفقة تبادل العسكريين بارهابيين بنجاح ودقة متناهية باعتراف كل السياسيين الذين واكبوا عملية التبادل، تلك الصفقة التي تأرجحت وكادت تطير وتلغى في اكثر من مرة، فان ملف العسكريين المحتجزين سيكون ايضاً على كاهل ابراهيم ليتكلل كما تقول اوساط سياسية رفيعة بالايجابية على غرار صفقة مخطوفي اعزاز والراهبات ايضاً. فاللواء عباس ابراهيم الذي نجح في عملية اطلاق مخطوفي اعزاز والراهبات بات يملك الكثير من الخبرة في التعاطي مع المجموعات الارهابية وهو قادر على فتح قنوات واحداث ثغرة في اي ملف تفاوضي مع الإرهابيين كما حصل في تفاوضه المعقد مع جبهة النصرة، ومن جهة ثانية فان المؤسسة العسكرية التي ليست في وارد التخلي عن عسكرييها ولم تفعل لم تكن قادرة على التفاوض مع الإرهابيين من منطلق ان العسكر لا يفاوض.

وترى الأوساط ان اللواء ابراهيم الذي تردد اسمه في عمليات نوعية في ملفات شائكة ومعقدة برز اسمه لعدة اسباب: اولاً لخبرته في التعاطي مع ملفات صعبة، وبسبب علاقته الجيدة بالجهات الإقليمية وخصوصاً بدولة قطر التي كان لها دور محوري في ملف اطلاق المخطوفين... يبقى ان انجاز الملف السابق استنزف جهد ابراهيم وطاقته واستمر قرابة السنة وانتهى الى تسوية مربحة للملف اللبناني او باقل الخسائر، حيث لم يكن بالامكان تقديم تنازلات اكبر من الجانب اللبناني والكل يعلم كم من مرة تعرقلت عملية التبادل او كادت تلغى وتتوقف.

وتتطلع الاوساط في المرحلة المقبلة الى قضية العسكريين المختطفين لدى داعش ويبدو ملفهم معقداً، حيث ان تنظيم الدولة الاسلامية لم يبد مرة واحدة استعداداً للتفاوض بشأنهم على غرار ما كانت تفعل النصرة وملف المطرانين المخطوفين مع تضارب الروايات في الحالتين، سواء في قضية العسكريين المختطفين او بملف المطارنة، اذ مضت ثلاثة اعوام ونصف العام تقريباً على اختفاء المطرانين دون ان تتوفر معلومات حيثية وواقعية او دلائل حسية تشير الى اماكن تواجدهما او مجرد بقائهما على قيد الحياة فلا صور ولا تقارير ولا مطالب للخاطفين ولم تتبن اي جهة خطفهما رسمياً ولم يطالب احد بمبالغ مالية او فدية، ولا طرح احد مبادلتهما بمعتقلين على غرار ما حصل مع العسكريين المحتجزين لدى النصرة.

فملف خطف المطرانين اختلف عن اي ملف خطف آخر.

وتضيف الاوساط ان اختطاف المطرانين اقرب الى لغز لا احد يملك حل شيفراته بعد، والخوف الاكبر انه اقرب الى لغز إختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه الذي طال سنوات طويلة تخللها صمت مطبق وغياب المعلومات، وهذا اللغز اطلق تكهنات وفتح الباب امام انطلاق مساحة واسعة من الشائعات والاحتمالات، فمنها من تحدث عن وجود المطرانين لدى تنظيم الدولة الإسلامية الذي ينتظر توقيتاً معيناً، او تبدل ما في مجرى الاحداث ليكشف عن مطالبه، ومنها من تحدث عن سوء لحق باحد المطرانين وادى الى وفاته.

ورغم ذلك ترى الاوساط ان اليأس لم يتسلل بعد الى الملفين رغم كل المحاذير ولا تزال تبذل مساع حثيثة لانضاج وتحقيق اختراق في ملف العسكريين المخطفين لدى داعش، خصوصاً ان مجريات الحرب السورية والتدخل الروسي في المعركة لا يصب لمصلحة المسلحين الارهابيين.