لفت البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الراعي الى ان باب الرحمة مفتوح لرجال السياسة وكتلهم النيابية وأحزابهم، لكي يتصالحوا مع السياسة كفنٍّ شريف لخدمة الإنسان المواطن والخير العام، ويتصالحوا مع الوطن اللبناني ومؤسّساته الدستورية وشعبه، ويتصالحوا مع أنفسهم، فيتجرّدون من مصالحهم الخاصة المنافية للصالح العام، ويسارعون إلى التشاور بشأن المبادرة الجدية الجديدة الخاصّة بانتخاب رئيس للجمهورية، وبالتالي إلى كشف أوراقهم، والإقلاع عن مماطلات لا جدوى منها سوى المزيد من الشلل والضرر والفوضى، وإلى اتّخاذ القرار الوطني الشامل والمشرِّف، والحضور إلى المجلس النيابي، وإجراء عمليّة الإنتخاب وفقًا للدستور والممارسة الديموقراطيّة.

واكد الراعي في عظة الاحد في بكركي، ان انتخابُ الرئيس الكفوء، الحاصل على الثقة والدعم من الجميع، هو المدخل إلى إصلاح المؤسّسات، ومعالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والأمنية، والذهاب من حالة اللادولة إلى دولة منتظمة في مؤسّساتها الدستورية العامة.

وتابع الراعي قائلا: "يتزامن في هذه السنة مع عيد ميلاد المسيح الربّ عيدُ المولد الشريف، وهي مناسبةٌ لنقدّم التهاني للإخوة المسلمين في لبنان وعالمنا العربي، هذا التزامن يذكّرنا بالرسالة المشتركة، رسالة العيش المشترك، مسيحيّين ومسلمين، بالتعاون والتكامل، على أساس من المواطنة، والمساواة في الحقوق والواجبات، والمشاركة في الحكم والإدارة".

اضاف: وفيما السعي الآتي من سياسات خارجية بهدف ترويج الصراع بين الأديان والثقافات والحضارات وافتعاله، فإنّنا في لبنان وبلدان الشَّرق الأوسط مدعوّون لمواجهة هذا التحدّي بالعيش الواحد، وبمواصلة تكوين هوية وثقافة مشتركة وحضارة خاصّة ومصير واحد، بالرغم من مصاعب الحياة اليوميّة، علمًا أنّ الصعوبات والمحن تصقل الشخصيّة الخاصّة والشخصيّة الجماعيّة، بفضل حوار الحياة والثقافة والمصير الذي نعيشه بشكل طبيعي. وعلينا أن نحرص كلّ الحرص على حفظ الاعتدال، ونبذ التطرّف والتعصّب، ومكافحة التنظيمات الإرهابية التي تهدم وتقتل باسم الدِّين.

واشار الى إنّ ما تعيشه بلدان الشَّرق الأوسط، في هذه السنوات، من حرب ودمار وانقسام وحقد، ومن قتل ونزوح وتهجير، لدعوةٌ ملحّة إلى وعي ما يُحاك لهذه البلدان من مشاريعَ هدّامة. فلا بدّ من إرادة داخليّة تقرّر التفاهم والمصالحة، وتعملُ جاهدةً، مع الأسرتين العربية والدولية، من أجل إيقاف الحرب في سوريا والعراق واليمن، ومن أجل حلّ القضية الفلسطينية، وتسعى إلى إحلال سلام عادل وشامل ودائم، وتبذل كلّ جهدها لإعادة المواطنين النازحين والمهجّرين والمخطوفين إلى بيوتهم وأراضيهم. آن الأوان لكي يقرّر أبناء هذه البلدان ما يريدون هم لأوطانهم، لا أن يفرضه عليهم الآخرون، الذين لا يبغون سوى مصالحهم الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية على حساب شعوب هذه البلدان.