بعد ان انتهت صفقة التبادل بين الدولة اللبنانية وتنظيم "​جبهة النصرة​" الارهابي في الاول من الشهر الاخير من العام الماضي، كثر الحديث عن مستقبل عرسال وجرودها وتواجد المسلحين الارهابيين فيها، فتحدث البعض عن عملية عسكرية قد يقوم بها "حزب الله" ضد "النصرة"، وتحدث آخرون عن اجراءات هجومية للجيش اللبناني يقوم من خلالها بتحرير عرسال والجرود. بعد مرور شهرين على خروج العسكريين الأسرى، لم يحصل أيٌّ من الأمرين، فلم يبادر "حزب الله" بالهجوم لاعتبارات معيّنة ولا ​الجيش اللبناني​ اتخذ اجراءات استثنائية، لان المفاجأة كانت هروب عناصر "النصرة".

فقد علمت "النشرة" من مصادر مطلعة ان عددًا من عناصر الجبهة تركوا مواقعهم وسلاحهم وتخلوا عن قائدهم ابو مالك التلي واتجهوا نحو مخيّمات اللاجئين السوريين في عرسال حاملين معهم الخيبة ولا شيء سواها. وتضيف المصادر: "بعد تسليم العسكريين ضمن صفقة التبادل إنكشفت "جبهة النصرة" على الجوع والبرد والاستهداف العسكري، فالمؤن قلّت ووسائل التدفئة التي كان عناصرها يستحصلون عليها عبر ابتزاز الدولة بالعسكريين المخطوفين لديها، لم تعد موجودة، الامر الذي دفع بعدد من المسلحين للانسحاب من ارض المعركة والبحث عن مخرج آمن لهم، بعد أول تساقط للثلوج".

وتتابع المصادر، ان اغلب مسلحي "النصرة" لا يرون اي إفادة في مواجهة الجيش اللبناني، الذي يستهدف كل تحركاتهم التي يحاولون من خلالها احداث خرق يتيح لهم الحصول على منافع، واخر هذه المحاولات كان في الليلة الماضية حين حاولت مجموعاتهم المسلحة التقدم نحو مركزين للجيش اللبناني في وادي عطا وعقبة الجرد في عرسال، فتم التصدي لهم من قبل عناصر فوج التدخل الخامس بالجيش مستخدمين الاسلحة الثقيلة، ما أدى لسقوط عدد من القتلى اضافة لتدمير عدد من الاليات العسكرية. كذلك يخاف عناصر "النصرة" من دخول "حزب الله" الى الجرود واستهدافهم لا سيّما بعد ان قلت حيلتهم في تلك الجرود ولم يعد بوسعهم استعمال احدٍ كدرع بشريّ او بجنود مخطوفين، لذلك فضّل عدد منهم وهم بمعظمهم من الجنسية السورية، الهروب. وتشير المصادر الى ان المسلحين حاولوا بداية التوجه نحو مدينة الرقّة السورية ولكن الممرات التي اعتادوا بالسنوات الماضية على سلوكها لم تعد متاحة بسبب اقفالها من قبل عناصر الحزب و​الجيش السوري​ وأصبحت تحت السيطرة الجوية الروسية، فعادوا ادراجهم نحو مخيمات اللاجئين في عرسال.

أما بالنسبة للمدينة المحتلّة عرسال، فهي لا تزال حتى اليوم بحالة فلتان أمني، فهي أرض لبنانية غير خاضعة لأي ضوابط وقوانين، وممثل الدولة فيها أي رئيس بلديتها علي الحجيري لا يخرج من منزله الا نادرا وان فعل فبرفقة مسلحين يؤمنون له الحماية، والكلمة العليا في عرسال لا تزال للارهابيين الذين ينتمون لـ"النصرة" و"داعش"، وكل ذلك بظل تعاون من قبل بعض اهالي عرسال المستفيدين ماديا من كل الوضع القائم وعلى رأسهم أبو طاقية المطلوب للدولة اللبنانية.

ان تواجد جنود الجيش اللبناني في مواقعه، وتعزيز تواجد عناصر "حزب الله" في جرود القلمون وعرسال من الجهة اللبنانية، ضيّقا الخناق على ما بقي من ارهابيين في تلك المنطقة، ما حدا بالمصادر لاعتبار ان ​جرود عرسال​ أصبحت "ساقطة عسكريا"، مشيرة الى ان المسلحين الموجودين هناك قد "فرطوا"، وان محاولاتهم الهجومية التي يقومون بها بشكل يومي تعبر عن حالة يأس وضياع.