من يعتقد أن حدود لقاء معراب الذي تبنى فيه رئيس حزب "​القوات اللبنانية​" ​سمير جعجع​ ترشيح رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، تنتهي عند الإستحقاق الرئاسي ينطبق عليه توصيف من إثنين: إما أنه غير مطلع على تفاصيل مشاورات الرابية-معراب التي دامت لأشهر قبل تبني الترشيح، وإما أنه يعرف الى أين تتجه الأمور بين الحزبين الأقوى على الساحة المسيحية، لكنه لا يريد الإعتراف بذلك.

وإنطلاقاً من هذين التوصيفين، يجمع العونيون والقواتيون الذين يتابعون لحظة بلحظة تطورات الثنائية المسيحية المستجدة، على المعادلة التالية: من يسأل بعد اليوم، إذا كان "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" سيتحالفان بلدياً ونقابياً وجامعياً ونيابياً وصولاً الى أصغر إستحقاق يعني المسيحيين وحقوقهم، كمن لا يزال يسأل حتى اللحظة، ومن دون أن يصدق ما حصل وتحقق، هل يفعلها جعجع ويتبنى ترشيح عون؟

نعم، لقد قطع التقارب بين "التيار" و"القوات" وبسرعة قياسية أشواطاً لم يكن يتوقعها ولو للحظة حلفاء وخصوم الفريقين. وفي هذا السياق، تسأل المصادر المتابعة، هل كان في حسبان أي فريق لبناني أن تصل المشاورات بين الرابية ومعراب وبجدية تامة الى نقطة البحث عن صيغة قانون إنتخاب يعيد المناصفة ويحافظ على التوازن بين الطوائف كما نص الدستور، من دون أن يظهر شيطان التفاصيل ليوقع بينهما على توزيع المقاعد ومراعاة هذا الحليف من هنا أو ذاك من هناك؟

وهل كان في حسبان أي فريق لبناني أن تأتي اللحظة التي يعمل فيها العونيون والقواتيون يداً بيد على تحقيق مفاجأة إنتخابية من العيار الثقيل تحرج أصحاب نظرية "فليتفق المسيحيون"؟ بالتأكيد لا، لكن الواقع والمعلومات المتوافرة يثبتان بما لا يقبل الشك أن المفاجأة باتت على نار حامية وفي وقت ليس ببعيد تستوي طبختها.

نعم، قد يتفق "التيار" و"القوات" على أكثر من صيغة قانون إنتخاب. ولإراحة المكونات اللبنانية الأخرى، تجمع هذه الصيغ التي تدرس بين النظامين الأكثري والنسبي. أما المفاجأة يقول المتابعون فقد تكمن في التوصل الى إتفاق بين الطرفين على الصيغة التي سبق أن إتفقت عليها "القوات" في مرحلة سابقة مع "تيار المستقبل" و"الحزب التقدمي الإشتراكي"، وتحديداً في المرحلة التي تلت إسقاط الإقتراح الأرثوذكسي، كل ذلك بعد إجراء بعض التعديلات عليها بناء على إقتراحات العونيين.

عندها تصل الأمور الى ذروة الإحراج بالنسبة الى التيار الأزرق والحزب الإشتراكي، ولن يعود بإمكان هؤلاء التذرع بعدم التوصل الى قانون إنتخابي جديد لتبرير التمديد لمجلس النواب، وكذلك سيسقط التحجج بقوانين ذات طابع طائفي يضرب العيش المشترك، لعدم إجراء الإنتخابات. وما ينطبق على "المستقبل" و"الإشتراكي"، سينسحب أيضاً على رئيس مجلس النواب نبيه بري، عندما يصبح "التيار الوطني الحر" موافقاً على قانون إنتخابي ولد في رحم "الإشتراكي" و"المستقبل" و"القوات"، وأدخلت عليه بعض التعديلات التي تريح "الثنائية الشيعية".

وكي لا يسقط إقتراح "القوات"-"الإشتراكي"-"المستقبل" نتيجة إعتراض ما لتعود الأمور الى نقطة الصفر، يدرس "التيار" و"القوات" أكثر من صيغة لقانون الإنتخاب، وعندما ترفض إحدى الصيغ لإعتبارات ما، سيتم اللجوء الى الأخرى علّ هذه الأخيرة تقنع الفريق المعترض.

مفاجأة قانون الإنتخاب بين الرابية ومعراب، صحيح أنها من بين الإنجازات المدوية التي يعمل عليها، لكنها لن تكون الأمر الوحيد الذي سيتحقق بفعل هذا التحالف، غير أن حرص الفريقين المسيحيين على عدم حرق المراحل، يحول دون الكشف عن تفاصيل ما يعمل عليه في كواليس الحليفين الجديدين.