يتعاطى "حزب الله" حاليًا مع الملف الرئاسي وترشيح حليفيه رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون ورئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجية​ كمن قال كلمته ومشى من دون أن تعنيه كثيرًا ردود الأفعال على اطلالة أمينه العام السيد حسن نصرالله الأخيرة. هو لا يمانع أن تكون بنشعي قرأت بالخطاب تأييدًا مبطنًا لزعيمها وبالتالي للخطة "ب"، ولا يزعجه اطلاقًا اعتبار المحيطين بفرنجية استخدام السيد نصرالله مصطلح "نور عيني" بوصفه رئيس "المردة" بمثابة اقرار بحجم المودة والمحبة التي يكنها للزعيم الشاب. فما يجعل الحزب مطمئناً أنّه وجه الرسائل التي وجب أن تصل علناً الى بنشعي وأن الأخيرة لاقت رسائله بايجابية، ما جعل الأمور والعلاقة بين "حزب الله" وفرنجية، وبحسب مصادر مطلعة، تعود الى ما كانت عليه قبل اقدام رئيس تيار "المستقبل" ​سعد الحريري​ على ترشيح رئيس "المردة".

ويرى "حزب الله" أن فرنجية "عاد الى قواعده سالما بعد فترة من الضياع عاشها نتيجة ألاعيب المستقبل وسواه من أفرقاء الداخل، فالقنبلة المتفجرة التي رماها الحريري في حضن فريق 8 آذار باعلان تبنيه ترشيح فرنجية، نجح هذا الفريق باعادتها الى مصدر رميها قبل أن تنفجر فيه". هذا ما تؤكد عليه مصادر مقربة من الحزب، لافتة الى أنّه "ومن اليوم وصاعدا لم يعد هناك مجال للصدام والاشتباك داخل 8 آذار حتى ولو بقيت الزكزكات قائمة بين الزعيمين المتنافسين على سدة الرئاسة".

ولكن عودة المياه الى مجاريها بين الضاحية وبنشعي لم تنسحب الى الرابية، بحيث تستمر الحملة التي يشنها فرنجية ومقربون منه على العماد عون، والتي بلغت حدة غير مسبوقة باعراب زعيم "المردة" عن استغرابه بالطلب ممن يملك 70 صوتا في مجلس النواب الانسحاب لمن يملك 40 صوتا، وصولا لقوله أمام عدد من الصحافيين أن كتلة عون النيابية ما كانت لتتخطى الـ 4 نواب لو لم تكن الأصوات الشيعية هي التي ترجّح كفته.

بالمقابل، ينتهج عون سياسة الصمت والدبلوماسية بالتعاطي مع كل التطورات، وهو عمّم على نواب ووزراء وقياديي "التيار الوطني الحر" عدم الرد على فرنجية، وقد التزم العدد الاكبر منهم بذلك. الا أن كل ذلك لا يعني ان حجم الاحتقان في الرابية لم يبلغ ذروته. وهو ما أشارت اليه مصادر عون، لافتة الى هناك من يتعمد "استفزازنا" وبخاصة رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس "المردة" والمحيطون به، "الا اننا نلتزم توجيهات العماد عون التي تتماشى ولا شك مع المرحلة".

وتعتبر مصادر التيار أن فرنجية "قد لا يكون بحاجة لمن يرد عليه، فاطلالته ومواقفه المتتالية وحدها كفيلة باسقاط ترشيحه"، معربة عن أملها في أن يستمر الزعيم الشمالي بـ"مساره الانحداري هذا وبدعساته الناقصة المتتالية، فيستمر بالكشف عن مكنونات صدره كي تتضح صورته أمام الرأي العام وباقي حلفائنا".

اما "حزب الله" فيدرك تماما ان "العلاقة الحميمة" التي جمعت بيوم من الايام حليفيه المسيحيين، غير قابلة لاعادة الترميم، خاصة وأنّه يدرك أن فرنجية "بات يراكم أخطاءه بحق عون ما يجعل اي محاولة من قبله لجمع الرجلين مستحيلة في المدى المنظور".

بالمحصلة، وبالرغم من الحركة الاستيعابية التي يقوم بها عون بجناحيه، وزير الخارجية جبران باسيل ووزير التربية الياس بو صعب، بمسعى لاستكمال الجهود المبذولة لاقناع العدد الاكبر من الفرقاء بانتخابه رئيسا، الا ان بنشعي ستظل حجر عثرة أساسي في طريقه الى بعبدا بالاضافة الى غيره من الحجارة التي تبدو عملية ازاحتها مستعصية في الوقت الراهن.