نود ان نعرب عن أسف كبير لأنه لم يسبق أن كان الجيش مادة متداولة في وسائل الإعلام وعلى ألسنة السياسيين وحتى على لسان كل من هب ودبّ ممن ليسوا في العير ولا في النفير، كما هو اليوم!

إنها حال غير مسبوقة حتى في زمن الحرب. فلقد كانت للجيش مهابة واحترام وتقدير، وحرص على مسافة بينه وبين من يتداول شؤونه.

نقول هذا ليس لأنّ الجيش يعتبر إمرأة القيصر، وفوق الشبهات، بل لأنه بالضرورة فوق الشبهات، أو هكذا يجب أن يكون.

فالجيش هو معنويات قبل أن يكون عضلات وحديداً وصفوفاً مرصوصة على أهمية تلك كلها.

وعندما يكون الجيش في التداول اليومي بمؤسساته كلها... فإنّ الصفوف المرصوصة تتعرّض للإهتزاز، والحديد يتعرض للصدأ.

طبعاً إن لجيشنا من المناعة والمناقبية، وإن في ضباطه ورتبائه وجنوده من البسالة والإنضباط ومن العلم والكفاءة (...) ما يجعله يقوى على الحملات التي تتناوله من المعنيين وغير المعنيين...

ونحن نسأل: أين هي مديرية التوجيه في قيادة الجيش؟

وما الذي يشغلها هذه الأيام عن مدّ شبكة إتصالات شاملة مع الإعلاميين؟ وإذا كانت الشبكة موجودة فلماذا هي قاصرة عن حماية هذه الخاصرة للجيش؟!

نحن لم نسأل: أين مديرية المخابرات؟ لأن موقفنا من الأجهزة مبدئي: نحترمها ونبتعد عنها الى درجة إيقاع الضرر بالنفس.

ولم نسأل: أين وأين وأين من سائر مديريات الجيش... فقط سألنا عن دور مديرية التوجيه التي نرى أنها غائبة غياباً غير مألوف. صحيح أنه سبق أن شغل هذه المديرية ضباط عديدون وليس بالضرورة أنهم جميعاً كانوا مبرّزين، ولكن الأمر لم يكن مرة كما هو اليوم في حال غياب شبه شامل.

وإذ نتحدث عن الجيش فلأننا نحبه، ونغار عليه، وكتبنا فيه مئات المقالات ليس فقط في مجلته عندما ترأسنا تحريرها نحواً من تسع سنوات، ولا من خلال المحاضرات والدروس في المدرسة الحربية، إنما حيثما كنّا إن في لبنان أو في الخارج وفي «الشرق» بالذات... لذلك من موقع هذه المحبّة الراسخة نقول ما تقدم آنفاً، ونضيف: سقى اللّه زمناً كان في المديرية العميد الركن الياس فرحات...

للمناسبة... الجنرال فرحات تستفيد من خبرته وسائل الإعلام، خصوصاً شاشات التلفزة، فلماذا لا تستفيد مؤسسته الأم (الجيش) من هذه الخبرة وبالذات من طريقته في إدارة «التوجيه» في مؤسستنا الوطنية الحبيبة، وإن كان في التقاعد.

وختاماً نكرّر قولنا المشهور الذي رُفع ذات يوم يافطات في العاصمة والمناطق، وهو: «إذا كانت الجيوش ضرورة للأوطان فالجيش قدر للبنان».