نشرت بعض وسائل الاعلام استطلاعات للرأي في المناطق المسيحية، فنال التفاهم او المصالحة او التعاون بين "التيار الوطني الحر" و"​القوات اللبنانية​" غالبية واسعة وصلت الى حد 85 بالمئة من الذين تم استطلاعهم.

ماذا يعني هذا الامر في الاوساط المسيحية؟ وهل سيتوقف هذا التطور وتعود الامور الى ما كانت عليه من جفاء بعد مرور الاستحقاق الرئاسي، سواء وصل رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون مدعوما من "القوات اللبنانية" أم لم يصل؟

منذ اعلان رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ ترشيح العماد عون من معراب وسط احتفال رسمي جمع عددًا كبيرًا من القواتيين وبعض العونيين، والتساؤلات في الاعلام والاوساط السياسية، من هو الرابح الأكبر من هذا الاتفاق؟

مصادر نيابية في "التيار الوطني الحر" لا تنظر الى هذا التوافق من منظار الخسارة والربح، مشيرة الى ان الامر يتعلق بتصحيح الامور، وتأمين الشراكة الحقيقية، وتطبيق الطائف بكل مندرجاته.

واشارت الى ان الظروف التي حصل فيها هذا الاتفاق يمكن ان تفسر بانه لهدف واحد وهو الاستحقاق الرئاسي.

وكشفت المصادر نفسها الى ان أمين سر تكتّل "التغيير والاصلاح" النائب ابراهيم كنعان ورئيس جهاز الاعلام والتواصل في "القوات اللبنانية" ملحم رياشي، وبمساعدة فريق من الحزبين، على وشك التوصل الى اتفاق حول قانون جديد للانتخابات، يجمع بين القانون على أساس النسبية الذي يطرحه عون والقانون الذي تقدمت به "القوات اللبنانية" و"تيار المستقبل".

وقالت المصادر نفسها ان آلية التطرق الى معظم الملفّات الداخلية التي تشكل إجحافا بحق المسيحيين ستتبلور مع تكثيف اللقاءات والاجتماعات بين الطرفين.

ورأت المصادر ان البنود العشرة التي وردت في كلمة رئيس حزب "القوات" سمير جعجع، تعكس الى حد ما وجود نية صادقة لدى الطرفين، ألا يكون هذا التفاهم مرحليًّا، بل بداية مشوار طويل، من العمل السياسي المشترك، متمنية ان يتعمم التوافق بين معظم القوى السياسية اللبنانية الفاعلة.

واعتبرت مصادر سياسية متابعة ان المحك الأساس في متانة وديمومة هذا الاتفاق لم يعد ​الانتخابات الرئاسية​، لان هذا الملف قد حسم، ولا يمكن لـ"القوات اللبنانية" ان تتراجع عنه، الا اذا قرر العماد عون الانسحاب من المعركة، الا انه لا يوجد مؤشر واحد حتى الان انه ممكن ان يحصل.

واضافت المصادر نفسها ان اي استحقاق انتخابي اخر، او بالأحرى ​الانتخابات البلدية​، التي تقول معظم القوى السياسية انها مع اجرائها في موعدها، والتي من المتوقع ان تكون في أيار المقبل، ستكون الدليل الواضح حول صمود هذا التحالف وديمومته.

ولا ترى هذه المصادر ان التحالف القواتي-العوني سيصبح بقوة "الجبهة اللبنانية" خلال الحرب اللبنانية، لان الجبهة المذكورة كانت تضم المسيحيين، بمن فيهم ​سليمان فرنجية​ الجدّ. وتضيف قائلة انه فضلا عن ذلك كان المسيحيون موحدين بشكل قوي، اما اليوم فهم موزعون عموديًا.

ولفتت المصادر الى ان السجال القائم اليوم بين وزيري "حركة امل" ​علي حسن خليل​ والاشغال العامة ​غازي زعيتر​ من جهة، والأحزاب المسيحية من جهة اخرى، في ما تراه غُبنًا للموظفين المسيحيين، وان قرارات الوزيرين لا تراعي التوازن، لا يساعد كثيرا في التخفيف من اجواء التململ، خاصة في مجال التوظيفات، وفي اداء سياسيي الطائف، الذين وبحسب عدد من القوى المسيحية، اطاح بكل معايير الطائف.

وتؤكد المصادر نفسها ان قانونًا جديدًا للانتخابات اصبح ضرورة ملحة، اكثر من الانتخابات الرئاسية، لان تحقيق مثل هذا الامر يخفف من التشنج الحاصل، وممّا يعتبره المسيحيون بان الكثير من النواب المسيحيين تنتخبهم الطوائف الاسلامية، وهذا مغاير للطائف وللتمثيل الصحيح.

لا شك في انه اذا جرت الانتخابات البلدية في موعدها، وإذا نجح التحالف العوني- القواتي في التوصل الى اتفاق حول قانون جديد للانتخابات يعتبرونه يؤمن التمثيل الصحيح لهم، ويحظى بموافقة القوى السياسية الاخرى، نكون امام مرحلة جديدة من الاصطفافات السياسية، اقلّه في الوسط المسيحي، والذي لا بد من ان ينعكس على التركيبة الحالية.