عشية التمديد الأول والثاني لمجلس النواب، كان الوضع الأمني في طرابلس وعرسال، من أبرز الحجج التي إستعملها "تيار المستقبل" لتبريره رفض الإنتخابات النيابية. في حينها، عمد نوابه ووزراؤه خلال إطلالاتهم الإعلامية والصحافية، الى تكرار السؤالين التاليين: "هل من لبناني يعتقد أن الدولة بإمكانها أن تجري الإنتخابات النيابية في طرابلس على وقع رصاص جولات القتال بين باب التبانة وجبل محسن؟ وهل يمكن لوزارة الداخلية والبلديات التي تدير العملية الإنتخابية أن تضبط الوضع يوم الإنتخاب في عرسال، في ظل تفلّت الوضع وانتشار المجموعات المسلحة في البلدة، بعد انتقالها من قرى القلمون بفعل الحرب السورية؟"

اليوم، وبعد طيّ صفحة جولات القتال وعودة الحياة الى طبيعتها في طرابلس، فقد التيار الأزرق هذه الورقة ولم يعد بإمكانه إستعمالها كحجة لرفض أي إنتخابات، غير أنه لا يزال يتلطّى وراء الوضع الأمني في عرسال لرفض إجراء الإنتخابات البلدية، حتى ولو أنّ وزير الداخلية والبلديات ​نهاد المشنوق​، وهو أحد أبرز ممثليه في الحكومة، قال بعد الجلسة الأخيرة أنّه "انتزع" من مجلس الوزراء تمويل الإنتخابات البلدية والإختيارية وفرعية جزين، للإيحاء بأن فريقه متمسك بإجرائها في موعدها.

نعم، هناك في فريق "المستقبل" من بدأ يسرب جواً رافضاً لهذه الإنتخابات، تحت ذريعة الوضع الأمني العرسالي، الأمر الذي سيتم التصدي له بحسب معلومات "النشرة" من قبل الداعمين لفكرة إجراء الإنتخابات البلدية في أيار المقبل، وعلى رأسهم "التيار الوطني الحر" و"​القوات اللبنانية​"، بحملة منظمة تستند الى الحجج التي تدعم فكرة الإبقاء على موعد الإنتخابات المحدّد، إنطلاقاً من التجارب السابقة. وفي هذا السياق، تكشف الأوساط المتابعة أن رفض "تيار المستقبل" لإجراء الإنتخابات سيُواجَه بسلسلة أسئلة ستوجه اليه، أولها، "كم مجلس نيابي إنتخب بعد إنتهاء الحرب اللبنانية، ولم تكن عودة المهجرين المسيحيين الى قراهم في الجبل قد تمّت؟ وكم مرة إقترعت قلّة قليلة من هؤلاء نيابياً وبلدياً خارج بلداتها وقراها بسبب عدم إجراء المصالحة ومنعها من ممارسة حقها في بلداتها وقراها كما جرت العادة؟ هل نسيتم كيف أنكم لم توقفوا الإنتخابات في كل لبنان مراعاة لمسيحيي الجبل المهجرين عندما كنتم وبرعاية المحتل، تتحكمون بمفاصل السلطة؟ وهل نسيتم كيف كان على مسيحيي بريح وكفرمتى وعبيه وغيرها من القرى المهجرة أن يقترعوا في صناديقهم التي نقلت الى قضاء بعبدا بفعل التهجير؟ وهل نسيتم أن المشهد الذي نتحدث عنه تكرّر أيضاً في السنوات الأخيرة أي في إنتخابات عام 2009 النيابية؟ لماذا لم تطالبوا يومها بوقف الإنتخابات في كلّ لبنان لأنّ عشرات البلدات والقرى على الأراضي اللبنانية لا يتمكّن ناخبوها وعددهم بعشرات الآلاف من ممارسة حقهم بديمقراطية، وتريدون اليوم الغاء الإنتخابات مراعاة لبلدة واحدة لا يزيد عدد سكانها الأصليين في حدّه الأقصى عن الأربعين ألف عرسالي؟"

إنطلاقاً من كلّ ما تقدّم، سيقوم الداعمون لإجراء الإنتخابات بمواجهة "تيار المستقبل" وكل فريق ينضمّ الى رفضها، كل ذلك مع تدعيم هذه الحملة بسلسلة إقتراحات تجعل من العملية الإنتخابية في عرسال ممكنة وغير مستحيلة. إقتراحات تبدأ عند إتخاذ الجيش تدابير إستثنائية لضبط الوضع يوم الإنتخاب، ولا تنتهي عند نقل صناديق عرسال الى منطقة عين الشعب، الفاصلة بين اللبوة وعرسال، والخالية من السكان والإرهابيين، حيث الكلمة الفصل الأول والأخيرة فيها للجيش اللبناني الذي يتمركز فيها بنقاط عدة، منها ما هو للمخابرات، وما هو لفوج المجوقل.